[وإما] أن يقول القوم: إن تعليل الأسباب تفوت معه حقيقة القياس، [إذا] شرط القياس على الأصول، تقديرها أصولًا، وفي تعليل الأسباب، ما يخرجها عن كونها أسبابًا.
وهذا- والعلم عند الله- هو [معتمد القوم]، ونحن نمثله ونزيده تقريرًا فنقول: إذا قلنا إن الزنا علة الرجم، واستنبطنا من إيلاج الفرج في الفرج المحرم قطعًا، إلى تمام القياس، واعتبرنا اللواط، فقد بان آخرًا أن الزنا لم يكن علة، وإنما العلة أمر أعم من الزنا، فقد علل الزنا في كونه سببًا بعلة أخرجت الزنا عن كونه سببًا، ويمتنع تعليل الأصول بما يخرجها عن كونها أصولًا. وكذلك يمتنع تعليل النصوص بعلة تزيل النصوصية.
هذا أعظم ما تمسك به القوم في منع تعليل الأسباب. وإذا كان كذلك، فخروج الأصل عن كونه أصلًا، يمنع معقول القياس، إذ الاعتبار بغير معتبر به محال. وقد تحير الأصحاب في الجواب عن هذا الكلام. ونحن بعون الله ندل أولًا على صحة ما نقول، ثم نحل الشبهة، مستعينين بالله وهو خير معين.
أما الدليل على أصل التعليل عند فهم معاني الأسباب، فهو الدليل الدال على أصل القياس، وذلك الدليل هو أنه لما علم من [الشريعة] إدارة الأحكام على المصالح، والإعراض (٧٧/ ب) عن صور المحال، وعرف ذلك باستقراء الشرع وردًا وصدرًا، وفهمت الإشارة إلى تعليل الأسباب، وأن الحكم لم يكن لأجل صورها، بل لما اشتملت عليه من المعاني، فلو وقع الاقتصار