و[نحن] نقول: هذا القول غير صحيح عندنا، بل الصحيح إجراء القياس على حقيقته في الأسباب، ولا فرق في تصور القياس بين تعليل الأسباب وتعليل الأحكام.
وبيانه: هو أنه [هل] حرمت الخمر باعتبار خصوصية وصفها، وهي الخمرية، حتى لا يتعدى الحكم إلى النبيذ [بحال]، أو حرمت من جهة كونها مزيلة للعقل، وهو الوصف الأعم؟ فإنه (٧٩/ ب) إنما كانت أصلًا، باعتبار حكم الشرع، وقد بان لنا أنه حكم فيها من جهة اشتدادها وإسكارها.
فكذلك إذا قلنا: جعل الزنا علة للرجم، فيقال: هل كان علة من جهة كونه زنا، أو من جهة أخرى هي أعم من هذا؟ أو لم تكن علة أصلًا؟ والباطل أن نقول: ليس بعلة من وجه من الوجوه بأسرها، فهذا هو الذي يناقض قولنا: إنه علة للرجم، وهو نظير ما لو استنبط معنىً يخرج الخمر عن كونها محرمة مطلقًا، أما [استنباط] يبين أنها محرمة من جهة ما، فليس يناقض ذلك كونها أصلًا، فكذلك الباطل ألا يجعل الزنا علة من وجه من الوجوه، أما إذا جعل علة من بعض الجهات، فلم يخرج عن كونه علة مطلقًا.
[فهكذا] ينبغي أن يفهم تعليل الأسباب، ولا فرق بينه وبين تعليل الأحكام [في الأصول] الثابتة، على ما قررناه قبل ذلك في تحقيق المثال. فقد بان بما قررناه صحة تعليل الأسباب والأحكام، والله الموفق للصواب.