المتكلمين في ذلك. وقد قدمنا فيه قولًا مقنعًا. [ويجب] على القاضي الحكم بقول العدول، لا على معنى أنه يعتقد صدقهم، بل لأن الله أوجب عليه الحكم عند ظن الصدق. وكذلك المفتي عند رواية خبر الواحد. وكذلك يجب على العامي اتباع المفتي، إذ دل الإجماع على أن فرض العوام ذلك، كذب المفتي أو صدق، أصاب أم أخطأ. فقبول قول المفتي والشاهد، لزم بحجة الإجماع، فهو قبول قول بحجة، فلم يكن تقليدًا على ما حددنا به التقليد. فحيث تقوم الحجة، فليس تقليدًا. وإذا لم تقم حجة، فيجب القول، بل بحكم مجرد.
الثاني: أن يقال: أتحيلون الخطأ على من قلدتموه أم تجوزونه؟ فإن جوزتموه، فأنتم شاكون في صحة مذهبكم، وإن أحلتموه، فبم عرفتم استحالته؟ أبضرورة أم بنظر؟ أم تقليد ولا ضرورة [ولا دليل]؟ فإن قلدتموه في قوله: إن مذهبه حق، فمن أين عرفتم [صدقه في تصديق نفسه، وإن قلدتم فيه غيره، فبم عرفتم] صدق المقلد الآخر؟ وإن عولتم على سكون النفس إلى قوله، فبم تفرقون بين سكون أنفسكم (١٦٧/ أ)، وسكون نفوس غيركم من الكفار؟ وبم تفرقون بين قول مقلدكم:[إني] صادق، وبين قول مخالفيكم؟
المسلك الثالث: أن يقال لهم: هل تعلمون وجوب التقليد أم لا؟ فإن لم تعلموا، فلم قلدتم؟ وإن علمتم، فبضرورة أو نظر أو تقليد؟ ويعود الكلام الأول حرفًا حرفًا. فإن قيل: عرفنا صحته، لأنه مذهب الأكثرين، فهو أولى بالاتباع.