أقدر على التفصيل والتهذيب، فغير صحيح مطلقًا. وكيف يمكن دعوى ذلك على العموم، وقد صودف [الوجود] على خلاف ذلك؟ والذين سبقوا إلى وضع العلوم من الهندسة والطب، كبقراط وغيره من الحكماء اعترف بعدهم بالعجز عما وضعه الأولون.
وهذا سيبويه [رحمه الله] أول من صنف كتابًا مبسوطًا في العربية، وكل من جاء بعده حذا حذوه، وسلك مسلكه، واعترفوا بالعجز عن بلوغه فيما وضعه وأسسه. وكيف ينكر ذلك، والتصنيف على قدر قوة العلم؟ وإنما أضرب الأولون من الصحابة والتابعين عن التصنيف، ولو صنفوا، لم ينته إليهم وضع المتأخرين. إذ الوضع على حسب العلم.
وأما ما مثل به من الحرف والصناعات، فهذه أمور تختلف باختلاف الأغراض. فقد يحدث لقوم من الغرض، ويستحسنون ما لا يحسن عند غيرهم،