والصواب عندنا بعد تسليم الظن بالنسخ عند التعارض، وانتفاء دليل آخر، أن يصار إلى ما بعد عن ظن النسخ، فإن تعطيل الواقعة عن الحكم، لا سبيل إليه، وقد فقد متأخر آخر، وترتيب الحكم على ما يظن نسخه باطل، فلم يبق إلا الحكم بما بعد عن ظن النسخ.
وأما الذين ذهبوا إلى أن (١٣٥/ ب) الخبرين يتعارضان، فقد [ذكروا] وجه مذهبهم، وقالوا: الخبر الذي تطرق إليه ظن النسخ (١٧٤/ أ) لا يخفى سقوط التمسك به، والخبر الآخر [يهي] به، وينحط عن [الرتبة] المقطوع بها، أي ليس على العمل به إجماع. وإنما اعتمدت أخبار الآحاد، لانعقاد الإجماع على العمل بها. وهذا التصوير [يمنع] الإجماع، فوجب الحكم بسقوطها، وطلب حكم المسألة من مأخذ آخر.
وتحقيق هذا المذهب يؤول إلى إسقاط الخبرين جميعًا، على الوجه الذي ذكرناه. ولا يبقى بعد تعارض نصين، إلا ظن ترجيح، ومجرد الترجيح لا يجوز التمسك به.