فإن قيل: لا يثبت النسخ بمثل ذلك. قلنا: وكذلك إذا تحقق أنه بلغه وأضرب عن العمل به، فإن علم النسخ مستندًا إلى ذلك، ظن نصًّا عند استناده لهذا.
قال الإمام:(ومما [يجب] (١٣٩/ أ)[التفطن] له أن النصب مقادير) إلى آخره. قال الشيخ: جعل الإمام موافقة بعض الصحابة أحد الخبرين ترجيحًا، ولم يبين وجه ذلك، واقتصر على الدعوى فيه، ولم يبن الأمر على النسخ في أحدهما، لأنه لم ير تحقيق القول بأن الخبر بلغهم، وظن البلوغ لا يمنع التمسك بالخبر الآخر. فليت شعري ما وجه هذا الترجيح؟ إلا أن يكون قد صار إلى ما يقوله الشافعي من أن موافقة عمل بعض الصحابة، يقضي ترجيح الدليل على مناقضه. وهذا الموضع القاضي ينازع فيه، ويقول: لا يقوى دليل بمصير مجتهد إليه. وقد قدمنا وجه ذلك، والإلزام الوارد على الشافعي، فلا نعيده.