الدية. ونحن نقول: إنما قدر الشرع أطراف الأحرار، احترامًا وتعظيمًا، كما فعل في النفوس. ولا يلزم مثل ذلك في أطراف العبيد، لتسليط القيمة على الأصل، فالأطراف بذلك أولى.
فإن قيل: فقد أثبت الشرع في الأحرار حكومات، ولم يقدرها، وردها إلى التقويم، فما باله لم يفعل ذلك في الأطراف؟ قلنا: للأطراف من الاحترام ما ليس للجراح، مع أن الجراح لا ينضبط أمرها، ولا يقدر شينها ونقصها، إذ بعضها سهل يسير، وبعضها صعب يشين، فكان الرد إلى التقويم أولى. هذا مذهب مالك رحمه الله، ولكنه ورد عليه في الباب اعتراض شديدـ، وهو أنه قدر من جراح العبد أربعة جراح: المأمومة والجائفة والمنقلة والموضحة، فجعل فيها نسبتها من القيمة، نسبتها في الأحرار من الدية. وهذا في معنى النقض عليه [إلا] أن يجد عنده عذرًا. وسيأتي ذلك، إن شاء الله تعالى.