وإما إلزام تقدير أطراف البهائم، فنحن قد اخترنا ألا نقدر أطراف العبيد، فكيف بأطراف البهائم؟ وقد أجاب المقدرون بجواب سديد، فقالوا: لسنا نتحقق أنها تقع منها موقع أطراف الأحرار من الأحرار، بخلاف أطراف العبيد، فإنا نقطع باستواء [النسبة].
لكن الشأن كله في تخيل السبب الذي قدرت به أطراف الأحرار. فنحن نرى أنها قدرت [بالسبب الذي تقدرت به] النفوس، وغيرنا يرى أنها قدرت، لأن النسبة إلى الجملة نسبة النصف. وهذا يكاد يكون معلوم البطلان، إذ يتفق قطع إحدى اليدين وإحدى الرجلين، وإحدى العينين، وإحدى الأذنين، وإحدى الخصيتين، وكل واحد من زوج في الإنسان، فيغرم الجاني ديات، وهو لو أتلف الجملة، لم يكن عليه إلا دية واحدة، اقتضى ذلك أن التقدير لم يكن لهذا، وإنما هو تعبد من الله تعالى، إثباتًا لكمال الحرية.
قال الإمام رحمه الله:(ومما يعده الفطن قريبًا مما نحن فيه) إلى قوله (وهو السر وكشف الغطاء). قال الشيخ: هذا مثال واضح في تقابل المعاني