قالوا: إذا استحال تكليف المحال، فإنما يطلب الفعل بصفة الإمكان، فكأنه قال له: اغتسل غسلا ممكنا، والغسل الممكن في الوجه هو الذي يدخل فيه جزء من الرأس، فليكن ذلك القدر واجبا. وعلى هذا [التقدير] يثبت ذلك بمقتضى الطلب الأول، ولا يفتقر إلى طلب آخر.
قالوا: وهذا الوصف- وإن لم يكن مذكورا- فلا بد منه، حذرا من تكليف ما لا يطاق. ونحن نقول: وإن كان كذلك، إلا أنا نلتفت إلى تعدد الجهات ومقاصد [الطالبين]. كما سبق الكلام عليه في مسألة الأمر بالشيء، هل يكون نهيا عن ضده؟
وإذا تقرر ذلك الأصل، فنسلك هذا المسلك ههنا، ونقول: طالب غسل الوجه إنما طلب غسله، وقد يتيقن- في حال الأمر بغسله- أن لا يخطر له أخذ شيء من الرأس، ولا الحاجة إليه. وإذا أمكن ذلك، فكيف نقول: لا بد أن يطلب مع تصور غفلته عنه؟ وإن ذكره، فلا رأي له فيه بحال.