ورد الخيرة في التعيين إلى المكلف عندهم غير معقول. ونحن بعون الله وتأييده نتكلم على أًصل المسألة، ثم نبين قواعد المعتزلة، ثم نتعقبها بالأبطال.
ونوضح الغرض بثلاثة أمور: أحدها- تصور المسألة من جهة المعقول. والثاني- ثبوت وقوعها في الشرع المنقول. والثالث- توجه النقوض التي أجمع عليها أهل الإسلام، وساعد المعتزلة عليها من غير منع ولا إنكار.
أما الطريق العقلي: فهو أن الآمر إذا قال لمأموره: أوجبت عليك خياطة هذا الثوب، أو بناء هذا الحائط في هذا اليوم، كان هذا كلاماً (٣١/أ) معقولا، وأمرا متصورا، وصرح له مع ذلك: بأني لم أوجب عليك الجميع، ولا مكنتك (٦١/أ) من ترك الجميع، ومهما فعلت، فقد امتثلت إيجابي. فلا يخلو- بعد ورود هذا الخطاب، وتصور الطلب، وفهم المخاطب- إما أن يقال: لم يوجب شيئا أصلا، وهو محال، لأنه نقيض ما صرح به، أو يقال: أوجب الجميع، وهو أيضا باطل، لأنه صرح بضده، أو أوجب معينا، وهو قد صرح بالتخيير وعدم