وقد يمكن أن يكون بعضهم يرى القضاء، ولا يرى المسألة قطعية، ولم يستفت فيها، واكتفى بجواب غيره، أو ما أراد أن يرد على المجتهد في محل الاجتهاد، أو لعل جميع العلماء ما اطلعوا على المصلي في الأرض المغصوبة من الأمراء بعد التوبة. وهذه احتمالات كثيرة تمنع من العلم بإضرابهم (٦٦/ب) عن الأمر بالقضاء.
وههنا مسألة عظيمة ستأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الإجماع، وهي أن الأمة، هل [عصمت] عن [المعصية] على الإطلاق، أو عصمت عن الخطأ في الأحكام؟ فإذا قلنا: إنها لم تعصم إلا عن الخطأ في الأحكام، وهو اختيار القاضي أبي بكر، فغاية ما فيه لو ثبت النقل عن جميعهم أنهم لم يأمروا بالقضاء، فهل قضوا مع ذلك ببراءة الذمة وسقوط المطالبة، واقتصروا على الإضراب، فيكون ذلك من باب تعاطي الفعل، لا من أبواب الفتوى؟ وإن صرنا- وهو الصحيح- إلى العصمة على الإطلاق، فتبقى الاحتمالات السابقة، فيفوت العلم بسببها.