للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[في الإيمان]

اختلف في الإيمان: هل هو الاعتقاد المجرد أم الاعتقاد والعمل معًا، واختلافهم بحسب اختلاف نظرهم، فمن قال: هو الاعتقاد المجرد فنظر منه إلى اشتقاق اللفظ وإلى أنه قد فصل بينهما في عامة القرآن، فعطف العمل عليه كقوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق بينهما في خبر جبريل حين سأله

عن الإسلام وعن الإيمان، ففسر الأول بالأعمال والثاني بالاعتقاد.

ومن قال: هو الاعتقاد والعمل فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: " الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار با لسان، وعمل بالأركان ".

وكذلك اختلفوا هل يكون في الإيمان زيادة ونقصان، فقال قوم: يكون ذلك فيه لقوله تعالى.: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ)

وقوله: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)

وقوله: (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) .

ومن خالفهم قال: الشيء إنما يزيد بغلبته على ضده، وينقص بغلبة ضده عليه، قالوا: والإيمان لا يحصل إلا بعد أن يكون غالبًا على الكفر فلا يضامه حتى يقال: إنه غلب عليه.

ولذلك اختلفوا في جواز إطلاق اسم الإيمان على من أقر بالشهادتين، فقال

بعضهم: يجوز ذلك نظرًا منه إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الجارية التي سألها عن الله فأشارت نحو السماء، وعن النبوة فأشارت إليه - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " اعتقها فإنها مؤمنة "، ولأن الإيمان ليس بذي منزلة واحدة، ومن قال: لا يجوز فنظر منه إلى قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)

ولما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من قال: أنا مؤمن، فهو فاسق، ومن قال: أنا عالم، فهو جاهل "

فإن قيل:

<<  <   >  >>