للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسن الوجه، حسن الاسم ".

فالوجه والعين يظهر فيهما آثار النفس كالمرآة يستدل بها عليها، ولذلك يظهر فيهما أثر سرور النفس وحزنها، ورضاها وسخطها، ولذلك عبر بالوجه عن الجملة، وعن رئيس القوم، فقيل: فلان وجه القوم وعينهم، حتى قال تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) .

وكون الوجه المقبول في دلالته على فضيلة النفس - وإن لم يكن حكمًا لازمًا - فهو على الأعم والأكثر.

وحكي أن المأمون استعرض جيشًا فمر به رجل قبيح الوجه، فاستنطقه فرآه ألكن، فأمر بإسقاطه، وقال: إن الروح إذا كانت ظاهرة كانت صبَّاحة، وإذا كانت باطنة كانت فصَّاحة، وأراه لا ظاهر له ولا باطن.

وكفاك من البيان في فضل كمال الجسم قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)

وقال: (وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً) .

وأما طول العمر: فلولاه لقل حظ الإنسان من السعادات الدنيوية التي لولاها لما نيلت السعادة الأخروية، واللَّه ولي الفضل والإحسان وعليه المعول والتكلان.

[ما يتولد من الفضائل النفسية]

أمهات الفضائل النفسية وإن كن أربعا، فلها بنات هن أمهات لفضائل أخر. وبيان ذلك أن العقل متى تقوى تولد من حسن نظره جودة الفكر، وجودة الذكر، ومن حسن فعله الفطنة وجزالة الرأي، وتولد من اجتماع أربعتها جودة الفهم، وجودة الحفظ.

والشجاعة متى تقوت تولد منها الجود في حال النعمة، والصبر في حال المحنة، والصبر يزيل الجزع ويورث الشهامة المختصة بالرجولية، كما قيل.

خلقنا رجالًا للتجلد والأسى ... وتلك الغواني للبكا والمآتم

والعفة إذا تقوت ولدت القناعة، والقناعة تمنع عن الطمع في مال الغير فتولد الأمانة.

<<  <   >  >>