جميع الاختلافات بين أهل الأديان والمذاهب على أربع مراتب:
الأولى: الاختلاف بين أهل الأديان النبوية وبين الخارجين عنها من الثنوية والدهرية وذلك في حدوث العالم، وفي الصانع وفي التوحيد.
والثانية: الاختلاف بين أهل الأديان النبوية بعضهم مع بعض وذلك في الأنبياء كاختلاف المسلمين والنصارى واليهود.
والثالثة: الخلاف المختص في أهل الدين الواحد بعضهم مع بعض في الأصول التي يقع فيها التبديع والتفجير كالاختلاف في كثير من صفات اللَّه تعالى وفي القدر وكاختلاف المجسمة.
الرابعة: الاختلاف المختص بأهل المقالات في فروع المسائل كاختلاف الشافعية والحنفية.
فالاختلاف الأول: يجري مجرى متنافيين في مسلكيهما كآخذ طريق المشرق،
وآخذ طريق المغرب، وكآخذ ناحية الشمال، وآخذ ناحية الجنوب.
والثاني: يجري مجرى آخذ نحو المشرق، وآخذ يمينه أو شماله، فهو وإن كان
أقرب من الأول فليس يخرج أحدهما عن أن يكون ضالّا ضلالًا بعيدًا، وإيَّاهما قصد بقوله تعالى:(وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠) .
والثالث: جارٍ مجرى آخذين وجهة واحدة، ولكن أحدهما سالك للمنهج،
والآخر تارك للمنهج، وهذا التارك للمنهج ربما يبلغ وإن كان يطول عليه الطريق.