للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قويت فيه الصبغة والفطرة: (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ)

فسمي ذلك كتابا، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " كل مولود يولد على الفطرة "، وأما الشهادة المأخوذة عليهم فالناس فيها ضربان:

ضرب: أجالوا خواطرهم فيها حتى أدركوا حقائقها فصاروا كمن حملوا الشهادة فنسوها، ثم تذكروها، ولذلك قال تعالى في غير موضح: (لَعَلَّهُم يَتَذَكرونَ) (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) .

وضرب: أهملوا أنفسهم ولم يشتغلوا بتذكر ما حملوا من الشهادة، كما قال

تعالى: (وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣)

فهم في الجهالة يتسكعون، وعلى هذا حثنا الله تعالى على التذكر بقوله: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ)

وقال: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)

أي: يسرنا القرآن ليكون سببًا تتوصلون به إلى تذكر ما سبق من

عهدكم، والتذكر على أضرب:

الأول: أن يكون في اللسان عن صورة ما حصل في القلب.

والثاني: أن لمجون بالقلب كصورة حصلت عن شيء معهود إما بالبصر أو بالبصيرة أو غيره من المشاعر.

والثالث: أن يكون عن صورة متضمنة بالفطرة في الإنسان، وهو المشار إليه بهذه الآيات، ومن هذا الوجه قال الحكماء: التعلم ليس يجلب إلى الإنسان شيئا من خارج في الحقيقة، وإنما يكشف الغطاء عما حصل في النفس فيبرزه بجلائه، فمثله كمثل الحافر المستنبط الماء من تحت الأرض، وكالصيقل الذي يبرز الجلاء في المرآة، وهذا ظاهر لمن نظر بعين عقله.

[حصر أنواع المعلومات]

أنواع العلم ثلاثة:

نوع يتعلق باللفظ، ونوع يتعلق باللفظ والمعنى، ونوع يتعلق بالمعنى دون اللفظ.

فأما ما يتعلق باللفظ فهو ما يقصد به تحصيل الألفاظ بوسائط المعاني، وذلك ضربان:

أحدهما: حكم ذوات الألفاظ، وهو علم اللغة.

<<  <   >  >>