للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن "، قيل: الإيمان ذو منازل كما وصفه - صلى الله عليه وسلم -.

وإنما يكون الإنسان مؤمنًا بلا مثنوية إذا استوعب منازله كلها، فتعرى من جميع الشرور وتخصص بجميع الخيرات على قدر طاقة البشر، ومتى انخرم بعض ذلك خرج هو عما هو، كقولهم: عشرة، في كونه اسمًا لعدد مخصوص إذا سقط بعضه سقط ذلك الاسم عنه، ومن شرط الإيمان الكامل ألا يكون زانيًا ولا سارقًا.

[في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: " الإيمان بضع وسبعون بابا "]

ثبت الحديث عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " الإيمان بضع وسبعون بابًا أعلاها شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق "، وهذه لفظة من تأملها وعرف حقيقتها علم بالواجب أن الإيمان الواجب هو اثنتان وسبعون درجة لا يصلح أن يكون أكثر منها ولا أقل، ولا يوجد من الإيمان ما هو خارج عنها بوجه، وأنه - صلى الله عليه وسلم - فيما يورده كما وصفه - عز وجل - بقوله: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) .

وبيان ذلك أن الإيمان شيئان:

اعتقاد وأعمال:

فالاعتقاد على ثلاث منازل:

يقيني: لا يعتريه شك ولا شبهة بوجه كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) .

وظني: وذلك ما كان عن أمارة قوية، وأعني بالظن هاهنا ما يفسره أهل اللغة باليقين نحو قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) .

وتقليدي: وذلك ما يعتقد عن رأي أهل البصائر كما وصفه تعالى بقوله: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) .

والأعمال ثلاثة: عمارة الأرض: المعنية بقوله تعالى: (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) .

<<  <   >  >>