ما هو أصلح لذلك الفعل منه، يحقق أنه صدر عن حكمة إلهية.
في شأن الناض المتعامل به وبيان حكمة اللَّه تعالى فيه
اعلم أن الناض أحد أسباب ما به قوام الحياة الدنيوية، ومتى توهمناه مرتفعًا تعسر على الناس تزجية معاشهم، وقد تقدم أن الناس يحتاج بعضهم إلى بعض، ولا يمكنهم التعايش ما لم يتظاهروا ويتولى كل واحد منهم عملًا يصير به معينًا للآخر مواسيًا له، ولما كان كل من واسى غيره فمن حقه أن يقابل بقدر مواساته لكن ربما لم يحصل عند صاحبه ما يريده هو فقيض اللَّه تعالى لهم هذا الناض علامة منه - جلَّ ثناؤه - ليدفعه الإنسان إلى من يوليه نفعًا فيحمله إلى من عندد مبتغاه فيأخذ منه قدر عمله، ثم جاء ذلك الآخر إلى الأول بتلك العلامة أو بمثلها، وطلب منه مبتغى هو عنده دفعه إليه لينتظم أمرهم بذلك، وذلك قيل: الدرهم حاكم صامت، وعدل ساكت،
وحكم من اللَّه تعالى نافذ، وقد قيل لهذا المعنى سمي في لغة الفرس الدينار (دين أورد) ، أي: الدين أتى به والدين فارسية معربة، ولما كان ذلك حاكمًا عظم الله تعالى، وعيد من احتبسه ومنع الناس من التعامل به، فقال تعالى:(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ)
وذلك أنه يصير باحتباسه إياهما كمن
احتبس حاكمين للناس بهما تتمشى أمور معاشهم، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم "، لأن اتخاذه الذهب والفضة آنية
يؤدي إلى منع الناس عن تصريفه في معاملاتهم وتضييقه عليهم مكاسبهم.
[مدح المال وذمه]
المال إذا اعتبر بكونه أحد أسباب قوام الحياة الدنيوية فهو عظيم الخطر كما تقدم، وإذا اعتبر بسائر القنيات فهو صغير الخطر " إذ هو أخس القنيات. والقنيات ثلاتة:
نفسية وبدنية وخارجة، والخارجة أدونها وأدون الخارجات الناض، لأنه خادم غير