للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل واحد كعشرة لا بل ترى واحدًا كألف وألفًا مثل واحد كما قال القائل:

ولم أر أمثال الرجال تفاوتت ... لدى المجد حتى عد ألف بواحد

بل قد ترى واحدًا كعشرة آلاف، وترى عشرة آلاف دون واحد.

كما قال - صلى الله عليه وسلم -: وهو أصدق الناس قيلًا: " الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ".

والإبل في تعارفهم اسم لمائة بعير، فمائة إبل هي عشرة آلاف، بل لو قيل: قد نرى واحدًا

كعالم وعالماً مثل واحد لجاز. كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "وزنت بأمتي فرجحتهم ".

وعلى هذا قال أبو نواس:

وليس للَّه بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد

[كون الإنسان بين البهيمة والملك]

الإنسان لما ركب تركيبًا بين بهيمة وملك - فشبه بالبهيمة بما فيه من الشهوات البدنية، من المآكل والمشارب والمناكح، شبهه بالملك بما فيه من القوى الروحانية من الحكمة والعدالة والجود - صار واسطة بين جوهرين: وضيع ورفيع؛ ولهذا قال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) ،

فالنجدان من وجه العقل والهوى، ومن وجه الآخرة والدنيا، ومن وجه الإيمان والكفر، ومن وجه الهدى والضلال، ومن وجه موالاة اللَّه تعالى وموالاة الشيطان المذكورتان في قوله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) .

<<  <   >  >>