للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لابنه: اقتصد في مزاحك، فالإفراط فيه يذهب بالبهاء، ويجريء عليك السفهاء، وتركه يقبض المؤانسين ويوحش المخالطين. ولكن الاقتصاد فيه صعب جدا لا يكاد يوقف عليه، ولذلك تحرج عنه أكثر الحكماء حتى قيل: المزاح مسلبة للبهاء، ومقطعة للإخاء، وفعل لا ينتج إلا الشر.

وأما الضحك فمن خصائص الإنسان، وذلك أنه يكون من التعجب، والتعجب لا يكون إلا عن فكرة، وبالفكرة يميز الإنسان عن البهائم والاقتصاد فيه، ومعرفة ما يحسن منه عسير كما هو في المزاخ.

وقيل: إياك وكثرة الضحك فإنها تميت القلب وتورث النسيان، وقيل: كثرة الضحك من الرعونة، وحكي عن عيسى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إن اللَّه تعالى يبغض المضحاك من غير عجب، والمشاء إلى غير أرب.

وأما إيراد المضحكات على سبيل السخف فنهاية القباحة ". وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك القوم، ويلٌ له، ويلٌ له ".

[الحلف]

أقبح من الكذب اليمين الفاجرة فيها مع الكذب الاستهانة بالمقسم به، وحق

المسلم أن يتحاشى من الاستعانة باليمين في الحق فكيف في الباطل، وأن يتحقق تقدير القسم ومما يراد به ليعلم أن الأغراض الدنيوية أوبخ أمرًا وأخس قدرًا من أن يفزع فيها إلى الحلف باللَّه، وتقدير ذلك قول القائل إذا قال: تاللَّه إن لي عليك كذا، أي: كون ذلك لي عليك حق كما أن وجود الله تعالى حق، وهذا كلام يتحاشى منه من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من تعظيم اللَّه، وقد قال اللَّه سبحانه: (وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا)

وقال: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا)

وقال علي - رضي الله عنه -: " الحلف ينفق السلعة ويمحق البركة " ولم يخص

<<  <   >  >>