قد تقدم أن الخلافة تستحق بالسياسة، وذلك بتحري مكارم الشريعة، والسياسة ضربان:
أحدهما: سياسة الإنسان نفسه وبدنه وما يختص به.
والثاني: سياسة غيره من ذويه وأهل بلده، ولا يصلح لسياسة غيره من لا يصلح لسياسة نفسه، ولهذا ذم اللَّه تعالى من ترشح لسياسة غيره، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وهو غير مهذب في نفسه، فقال:(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٤٤)
وبهذا النظر قيل:" تفقهوا قبل أن تسودوا " تنبيهًا أنكم لا تصلحون للسيادة قبل معرفة الفقه، والسياسة العامة، ولأن السائس يجري من المسوس مجرى ذي الظل من الظل، ومن المحال أن يستوي الظل وذو الظل أعوج، ولاستحالة أن يهتدي المسوس مع كون السائس ضالّا قال اللَّه تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) ،
فحكم أنه محال أن يكون مع أتباع الشيطان لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر.
[الفرق بين محارم الشريعة وبين العبادة وعمارة الأرض]
أما مكارم الشريعة فمبدؤها طهارة النفس باستعمال التعلم، واستعمال العفة