مستردة، ولا أحد أجهل ممن لا ينقذ نفسه من العذاب الدائم بمال غيره، سيما إذا لم يخف من صاحبه تبعة ولا علاقة، والكفالة الإلهية متكفلة بتعويض النفقة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " اللَّهم عجل لمنفق خلفًا، وعجل لمسك تلفًا "، وقال:" إن الله ينزل المعونة على العبد بقدر المؤونة "، وقد روي:" من وسع وسع عليه ".
[أنواع الجود والمجود به]
الجود خمسة أضرب:
جُود الإله تعالى: وهو البذل لكل أحد على قدر استحقاقه.
وجُود الملوك: وهو بسط المال على العفاة غنيهم وفقيرهم.
وجُود السوقة: الذين هما دون الملوك: وهو بذل المال للسؤال.
وجُود الصعاليك: وهو البذل للندامى والعاشرين والشرب.
وجُود عوام الناس: وهو الإحسان إلى الأقارب.
والمحمود من ذلك كله الجود الإلهي، وهو بذل الموجود بقدر الطاقة لكل محتاج بقدر استحقاقه من غير امتنان ولا تأذية، فالمعطي ما يحتاج إليه لمن لا يحتاج إليه مسرف مضيع، والمعطي غيره شيئًا لرهبة واقٍ نفسه، والمعطي لرغبة في مثوبة، أو لمحمدة دنيوية تاجر.
وقول أبي نواس حيث قال:
فتى يشتري حسن الثناء بماله ... ويعلم أن الدائرات تدور
فليس ببالغ في الوصف بالجود التام، بل وصف بتجارة محمودة، وأحسن منه قول