ومن وجه النور والظلمة المذكورتان في هذه الآية، أي الفضيلة والنقيصة، أو من وجه الحياة والموت المذكوران في قوله تعالى:(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) ،
فمن وفقه اللَّه للهدى، وأعطاه قوى لبلوغ المدى فراعى نفسه وزكاها، فقد أفلح، ومن حرم التوفيق فأهمل نفسه ودسَّاها فقد خاب وخسر، كما قال تعالى:(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)
[ما لأجله أوجد الإنسان]
الإنسان من حيث هو إنسان كل واحد كالآخر كما قيل:
فالأرض من تربة والناس من رجل
وإنما شرفه بأنه يوجد كاملًا في المعنى الذي أوجد لأجله، وبيان ذلك أن كل
نوع أوجده اللَّه تعالى في هذا العالم، أو هدى بعض الخلق إلى إيجاده وصنعه فإنه أوجد لفعل يختص به، ولولاه لما وجد، وله غرض لأجله خُصَّ بما خمصَّ به، فالبعير إنما خصَّ بذلك ليحملنا وأثقالنا إلى بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس، والفرس ليكون لنا جناحًا نطير به، والمنشار والمنحت لنصلح بهما الباب والسرير ونحوهما، والباب لنحرز به البيت، والفعل المختص بالإنسان ثلاثة أشياء:
١ - عمارة الأرض المذكورة في قوله تعالى:(وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)