وجهرًا على الوجه الذي ينبغي وبالمقدار الذي ينبغي وإياه قصد الشاعر بقوله:
ولن تستطيع الخلق حتى تخلقا
بل قد قال - صلى الله عليه وسلم -: " ما العلم إلا بالتعلم، وما الخلق إلا بالتخلق ":
وضرب مذموم: وذلك ما كان على سبيل المراءاة، ولا يتحراه صاحبه إلا حيث يقصد أن يُذكر به، ويسمى ذلك رياءً وتصنعًا، وتشيعًا، ولن ينفك صاحبه من اضطراب يدل على تشيعه كما قال (في) كليلة (ودمنة) : الطبع المتكلف كلما زدته تثقيفًا ازداد تعقيفًا، وعلى ذلك قال الشاعر أبو الطيب المتنبي:
وأسرع مفعول فعلت تغيرًا ... تكلف شيء في طباعلك ضده
وإياه قصد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رحمه الله - بقوله:" من تخلق للناس بغير ما فيه فضحه الله "
وحال التشبع كالجرح يندمل على فساد فلا بد أن ينبعث ولو كان بعد حين:
فإن الجرح ينفر بعد حين ... إذا كان البناء على فساد
وكما أن العضو المفلوج لا يطاوع صاحبه في تحريكه وإن جاهده، فمتى حركه إلى اليمين تحرك نحو الشمال، كذلك أيضًا الشره والظلوم والمتهور وإن جاهدوا أنفسهم فإن قواهم تأبى مطاوعتهم، وقد ذم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله:" المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور "، تنبيهًا أنه كاذب بقوله وفعله، فيتضاعف وزره. وقد حمل على
ذلك قوله:(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) ،