وأمما كرم العشيرة: فإنه يقال له: الحسب والشرف، والشرف أخص بمآثر الآباء والعشيرة، ولذلك قيل للعلوية: أشراف، ومن الناس من لا يعد شرف الأصل فضيلة، ويقول: المرء بنفسه.
واستدل بقول أمير المؤمنين - رضي الله عنه -: " الناس أبناء ما يحسنون "
وبقوله:" قيمة كل امرئ ما يحسنه ".
وقول الشاعر:
كن ابن من شئت واكتسب أدبًا ... يغنيك محموده عن النسب
وقول الحكيم: الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية.
وليس كذلك كما ظن، لأن كرم الأعمام والأخوال مخيلة لكرم المرء، ومظنة له، فالفرع وإن كان قد يفسد أحيانًا فمعلوم أن أصله يورثه الفضيلة والرذيلة، فإنه لا يكون من النخل الحنظل، ولا من الحنظل النخل، ولذلك قال الشاعر:
وما يك من خير أتوه فإنما ... توارثه آباء آبائهم قبل
وهل ينبت الخطي إلا وشيجه ... وتغرس إلا في منابتها النخل
وقيل:
إن السري إذا سرى فبنفسه ... وابن السري إذا سرى أسراهما
ويبين ذلك أن الأخلاق نتائج الأمزجة، ومزاج الأب كثيرًا ما يتأدى إلى الابن، كالألوان والخلق والصور، ومن أجل تأديها إليه، قال عليه الصلاة والسلام:" تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء "، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إياكم وخضراء الدمن " قيل: يا رسول اللَّه وما خضراء الدمن، قال:" المرأة الحسناء في المنبت السوء ".
وما ذكر في نحو قول أمير المؤمنين - رضي الله عنه -: " الناس أبناء ما يحسنون " فهو حث