للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدحاً وذمّاً وما جاوزتَ وصفهما ... والحقُّ قد يعتريه سوءُ تعبير (١)

وأما البيان الذي يوضح الحق ويقرِّره، ويبطل الباطل ويبيِّنه. فهذا هو الممدوح. وهكذا حال الرسل وأتباعهم؛ ولهذا علت مراتبُهم في الفضائل، وعظمت حسناتهم.

وبالجملة: فالبيان إذا استعمل لتغطية الحق وتحسين الباطل. فإنه مذموم (٢).

"٢ - ويطلق على النميمة، وهي من كبائر الذنوب إلاَّ إذا نمى خيراً ليصلح بين الناس، ولها واقع وتأثير في نفس من أصغى إليه" (٣).

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أنبئكم ما العَضْهُ؟ هي النميمة: القالة بين الناس) (٤)،

وأصل العضه في اللغة (٥) يطلق على أشياء ومنها السحر، والنميمة - هي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد - القالة بين الناس نوع من أنواع السحر، وهي كبيرة من الكبائر ومحرم من المحرمات، ووجه الشبه بين النميمة وبين السحر أن تأثير السحر في التفريق بين المتحابين أو في جمع المتفارقين تأثيره على القلوب خفي، وهذا عمل النمام فإنه يفرق بين الأحباب؛ لأجل كلام يسوقه لهذا وكلام يسوقه لذاك فيفرق بين القلوب، ويجعل العداوة والبغضاء بين قلب هذا وهذا.

وقد دل الحديث على أن النميمة نوع من السحر؛ وذلك لأن النميمة تؤثر ما يؤثر السحر أو أكثر فنتيجتها مثل عمل ونتيجة السحر، وهو تفريق الناس، وتغيير القلوب،


(١) والبيتان لابن الرومي ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة (ص ٢٠٧)، وذكرهما ابن القيم - رحمه الله - في مفتاح دار السعادة (ص ١٣٥).
(٢) ينظر: فتح المجيد (٣١٠ - ٣١١).
(٣) فتاوى اللجنة (١/ ٥٤٤ - ٥٤٧، ٥٦٣).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم النميمة رقم الحديث (٤٧٢٢). والعضه بينها الإمام النووي، فقال: " هذه اللفظة رووها على وجهين أحدهما العضة بكسر العين وفتح الضاد المعجمة على وزن العدة والزنة والثاني العضه بفتح العين وإسكان الضاد على وزن الوجه وهذا الثاني هو الأشهر في روايات بلادنا والأشهر في كتب الحديث وكتب غريبة والأول أشهر في كتب اللغة ونقل القاضي أنه رواية أكثر شيوخهم وتقدير الحديث والله اعلم ألا أنبئكم ما العضه الفاحش الغليظ التحريم".

ينظر: شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٥٩).
(٥) ينظر: الصحاح للجوهري (٧/ ٩١)، تاج العروس من جواهر القاموس (٣٦/ ٤٤٣)، تهذيب اللغة (١/ ٩٥)، غريب الحديث لإبراهيم الحربي بالحواشي (٣/ ٩٢٥)، لسان العرب (١٣/ ٥١٥).

<<  <   >  >>