للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه يُدعى الله بأسمائه، فنقول: يا رحيم! ارحمنا، يا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! الطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله! أو: يا لطف الله! ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف، فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفة لله، وكذلك العزة، وغيرها؛ فهذه صفات لله، وليست هي الله، ولا يجوز التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛ لقوله تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} النور: ٥٥، وقوله {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} غافر: ٦٠، وغيرها من الآيات (١).

ج- أثرهما:

يذكر الشيخ - رحمه الله - أثر أسماء الله وصفاته فيقول: " إن للأسماء والصفات آثراً عظيماً في حياة الفرد، فمعرفة الفرد أن الله تعالى رحمن يبعث في قلبه الرجاء، وإذا ذكر القهار يبعث الخوف من الله تعالى، والقرآن مليء بصفات الله تعالى" (٢).

ويقول - رحمه الله -: "ومن تبصّر في العالم، وعرف شئونه وأحواله تبين له تعلقه خلقاً وأمراً بأسماء الله الحسنى، وصفاته العليا، وارتباطه بها أتم ارتباط، وظهر له أن الوجود كله آيات بينات، وشواهد واضحات على أسماء الله، وصفاته" (٣).

قال ابن القيم - رحمه الله -: " إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه -أي سوى الله سبحانه- إما أن تكون خلقاً له تعالى أو أمراً، إما علمٌ بما كونّه أو علمٌ بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه، فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى، وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد، والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان، إذ مصدره أسماؤه الحسنى، وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة، إذ مصدره أسماؤه الحسنى، فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلاً ولا سدى ولا عبثاً.


(١) ينظر: فتاوى الشيخ ابن عثيمين (١/ ٢٦).
(٢) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (١/ ١٥٧).
(٣) مذكرة التوحيد (ص ٣٢).

<<  <   >  >>