والغضب. قال بعض علمائنا: وليست العدالة أن يمحض الرجل الطاعة حتى لا تشوبها معصية، وذلك متعذر لا يقدر عليه إلا الأولياء والصديقون، ولكن من كانت الطاعة أكثر حاله وأغلبها عليه، وهو مجتنب للكبائر، محافظ على ترك الصغائر، فهو العدل.
قال في الكتاب:"لو ثبت على الشهود أنهم شربة خمر، أو أكلة ربا، أو معروفون بالكذب في غير شيء، أو أصحاب يان، أو مجان يلعبون بالنرد والشطرنج فذلك يسقطهم، وغيره مما يشبه، وكذلك اللاعب بالحمام إذا كان يقامر عليها، وكذلك لو كان يعصر الخمر وإن كان لا يشربها، أو يكري (نفسه) من (الخمار). واشترط في تجريح لاعب الشطرنج أن يكون مدمنًا عليه. وكره اللعب بها وإن قل، وقال: هي أشد من النرد. وقال غيره: لا تجوز شهادته وإن لم يكن مدمنًا.
الوصف الثاني: المروءة، فيشترط في العدل أن يكون مستعملاً لمروءة مثله في دينه ودنياه، وكل من صدر منه فعل أذن بسقوط الدين أو المروءة، فهو قادح في شهادته.
فأما حقيقة المروءة فقال القاضي أبو بكر: "الضابط في المروءة ألا يأتي الإنسان ما يعتذر منه مما يبخسه عن مرتبته عند أهل الفضل".
وقال أبو القاسم بن محرز: ليس المراد بالمروءة نظافة الثوب، وفراعة المركوب، وجودة الآلة، وحسن الشارة، ولكن المراد بها التصون ولاسمت الحسن، وحفظ اللسان وتجنب السخف والمجون، والارتفاق عن كل خلق ردئ يرى (أن) من تخلق به لا (يحافظ)(معه) على دينه وإن لم يكن في نفسه جرحة، وذلك كالإدمان على لعب الحمام والشطرنج وإن لم يقامر عليها، وشبه ذلك من الأمور. وقال: وقد رأى بعض الناس أن شهادة البخيل لا تقبل، قالوا: وذلك أن إفراط البخل يؤديه إلى منع الحقوق وأخذ ما ليس بحق.
ولا ترد شهادة أرباب الحرف الدنيئة كالكناس والدباغ والحجام والحائك، (وما)