بكون المشهود له آثر عنده، وأحب إليه من المشهود عليه".
فرع مرتب: إذا اعتبرنا اختلاف أحوال المشهود له والمشهود عليه، ورتبنا القبول والرد عليهما، فلو فرضنا خفاء علم ذلك عنا، ولم يظهر لنا منه ميل إلى أحد الأولاد، وكانوا في السن والرشد على حالة واحدة، وكذلك في البر والعقوق، فاختلف في شهادته بينهما:
فقيل: تُقْبَلُ، لان الأصل قبولها ولم يتحقق سبب التهمة، وهذا القول موافق لما اختاره أبو القاسم بن محرز.
وقيل: ترد، لأنه قد يحب أحد بنيه أكثر، ويخفي ذلك إشفاقاً على قلوب إخوته، فالتهمة ها هنا متطرقة بخلاف شهادته لأجنبي.
تتمة لهذا الوصف:
اختلف في أخوة الصداقة، هل تلحق بالقرابة المانعة من قبول الشهادة، أم لا؟ والمشهور أنها لا تلحق إذا كان ليس في نفقته ولا يشتمل عليه بره وصلته، وحكى ابن سحنون عن ابن كنانة أن شهادته إنما تقبل لصديقه في المال اليسير، ورأى أن الصداقة ربما كانت كأخوة من جهة النسب.
قال الإمام أبو عبد الله: "وهكذا كل من كان في عيال إنسان ونفقته لا تقبل شهادة المنفق عليه للمنفق، لأن منفة المنفق بالمشهود به في النفقة وهو شريكه فيها، فكأنه شهد لنفسه.
وأما شهادة المنفق للمنفق عليه فنص ابن حبيب على قبولها. ورأى بعض المتأخرين أنه إذا شهد لأخيه الذي في عياله لم يقبل"، قال: "لأنه (يدفع) بها نفقته عنه، إذ لو تركه بغير إنفاق للحقته معرة وسوء أحدوثة، فهو يدفع ذلك عن نفسه بشهادته له".
ومما تطرق إليه التهمة شهادة المديان المعسر لمن له عليه الدين، فلا تقبل لأنه كأسيره فيصانعه بها. وكذلك شهادة رب الدين له لا تقبل، لأنه يريد الاستيفاء مما يتحصل بشهادته له، فالأول دافع عن نفسه والثاني جار لها.
السبب الثالث: العداوة.
فلا (يقبل) العدو على عدوه، لكن يقبل له، فإن قيل: ما العداوة التي تمنع قبول