الفرع الأول: إن هذه الأسباب إذا زالت قبلت الشهادة، ولا يخفى حكم زوال الصبا والرق وأمثاله، وإنما يحتاج إلى النظر في زوال الفسق والعداوة، فإن التوبة مما تخفى، ولا يكفي قول الفاسق: تبت ولا أعود، ولا إقرار القاذف على نفسه بالكذب، بل يجب استبراء حالهما، وكذلك كل فاسق يقول: تبت، فإنه لا يصدق حتى يستبرأ مدة يظهر بقرائن الأحوال صلاح سريرته فيها، ويغلب على ظن أنه قد ندم عليها وكفرها بالتوبة والأعمال الصالحة.
قال الإمام أبو عبد الله:"وقد حد بعض العلماء أمر الاستبراء لحال هذا التائب بمضي سنة من حين إظهاره التوبة. وأشار إلى ما أشار إليه من حد أجل العنين بسنة من أجل اختلاف أحوال الأزمان وجعل تأثيره في العزائم والشهوة في حق التائب كتأثيره في الطبائع والقوى في حق العنين". قال الإمام:"وهو ضعيف"، ثم قال:"ومنهم من وقت بستة أشهر، وهو أضعف. ثم قال: "والتحقيق أن يستند في ذلك إلى قرائن أحوال الرجال، فإن منهم من لا يظهر معتقده وباطنه على طول الدهر، ويغالط الحذاف بظاهره حتى يظنوه صالحاً وإن كان فيالباطن (زنديقًا). ومهم من هوب العكس من ذلك لا يقدر أن يظهر خلاف ما يبطن إلا زمنًا قليلاً يتكلف [فيه] استعمال نفسه"، قال: "(فالصحيح) الرجوع إلى قرائن الأحوال، وإسناد غلبة الظن، في الانتقال إلى العدالة، إليها، لا إلى مجرد مضي زمن".
الفرع الثاني: إذا ظهر للقاضي بعد الحكم أنه قضى بشهادة عبدين أو كافرين أو صبيين نقض الحكم. وفي نقضه إذا كانا فاسقين خلاف، نقضه ابن القاسم، ولم ينقضه أشهب وسحنون.
الفرع الثالث: إذا حدثت التهمة بعد أداء الشهادة لم تبطل الشهادة، وذلك كالرجل يتزوج المرأة بعد أن شهد لها، أو تقع بينه وبين المشهود عليه خصومة بعد أن شهد عليه.
وأما حدوث الجرحة في الشاهد بعد أداء شهادته فإنها تبطل شهادته فيها، وتبطل فيما