للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن القاسم: يغرمان نصف الصداق. قال: وكذلك لو شهد على دخوله بزوجة عنده مع إقراره بالطلاق وإنكار الدخول، لغرما النصف، أيضًا، إذا رجعا. وقال أشهب وابن عبد الحكم: إذا شهدا عليه بالطلاق قبل الدخول فلا غرم عليهما بحال.

وسبب الخلاف: النظر إلى أصلين: أحدهما هل منافع البضع مما يتقوم أم لا؟. والأصل الآخر هل الصداق كله يثبت بالعقد، أو كله مترقب؟، فابن القاسم بنى على أن الصداق كله مترقب لجواز أن ترتد المرأة قبل الدخول فيسقط جملة، وقد ألزمه الشهود بشهادتهم، على هذا القول، مال لم يكن لزمه وحالوا بينه وبين الزوجة، فصاروا كمن ألزمه الثمن وحال بينه وبين المثمن. وبنى أشهب وابن الحكم على أن منافع البضع مما لا يتقوم، وأن الصداق كله واجب بالعقد، والشهود إنما يغرمون ما (أتلفوه) بشهادتهم، وإنما حالوا بينه وبين ما اشتراه بالصداق من منافع البضع وذلك مما يتقوم، وصار ذلك كمن شهد على مستحق لقصاص أنه عفا، فإنه لا يغرم شيء الأنه إنما فوت بشهادته استحقاق دم، وذلك مما لا يتقوم.

ولو شهد بطلاق زوجة ثابت نكاحها بشهادة غيرهما، وشهد آخران بأن الزوج دخل بها، ولا يعلم شاهدا الطلاق هل أوقعه قبل البناء أو بعده، وكذلك الشاهدان الآخران لا يعلمان أنه طلق، فإن شاهدي الطلاق إن رجعا لا غرامة عليهما على مذهب الجماعة أشهب وعبد الملك ومحمد وغيرهم. وذكر ابن سحنون أن أصحابنا على هذا المذهب وإن بعض الرواة خالف فيه، قال: وأكثر الرواة على خلافه. ولو رجع الشاهدان بالدخول لغرما نصف الصداق، بينهما نصفين، لأنه الثابت بشهادتهما. وإن رجع أحدهما غرم ربع جميع الصداق.

فروع:

الفرع الأول: إن الشاهدين بالدخول إذا غرما نصف الصداق لرجوعهما ثم ماتت الزوجة قبل الدخول استرجعاه، لاعتقاد الزوج أنها ماتت في عصمته لأنه منكر للطلاق.

الفرع الثاني: إذا شهد شاهدان على الزوج أنه طلق قبل البناء فقضي عليه بنصف الصداق على قول ابن القاسم، ثم مات الزوج فرجع الشاهدان عن شهادتهما فإنهما يغرمان للمرأة ما حرماها من ميراثه وما أسقطا من صداقها. ولو كان إنما ماتت هي لرجع الزوج عليهما بميراثه فقط لا شيء مما غرم من الصداق. وهذا الجواب إذا كان كل واحد من الزوجين منكرًا ما شهد به الطلاق.

الفرع الثالث: إذا شهدا بطلاق أمة من زوجها ففرق القاضي بينهما بشهادتهما، ثم جاء شاهدان آخران فشهدا بأن الأولين مزوران، إما لعلمهما بغيبتهما عن البلد الذي فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>