ولو شهدت بينة النصراني أنه نطق بالتنصير ومات عقيب ذلك، فهما متعارضتان. ولو كان الميت مجهول الدين، فادعى كل واحد أنه ما مات على دينه، فلا ترجيح لبينة المسلم. وقيل: ترجح. وإن لم تكن بينة، فليست دعوى أحدهما بأولى من دعوى الآخر بالتصديق، فيجعل كأن المال في أيديهما فيقسم بينهما. ولو كان في يد أحدهما لم يخص في التصديق بعد إقراره بأنه من جهة الإرث. ولو كان عوض الاثنين جماعة واختلفت الدعوة منهم وقلنا بالقسم بينهم، قسم المال عليهم نصفين وإن تفاوتت أعدادهم، بل لو كان في إحدى الجهتين جماعة وفي الأخرى واحد، لكان لهم النصف وله النصف، لأن استحقاق من في إحدى الجهتين كاستحقاق من في الجهة الأخرى على حد سواء. فإن كان مع الولدين المتداعيين في دين أبيهما طفل، فقال سحنون:"يحلفان ويوقف ثلث ما بيد كل واحد منهما حتى يكبر الصغير فيدعي دعوى أحدهما فيأخذ ما أوقف من سهمه، ويرد إلى الآخر ما أوقف له من سهمه".
وقال أصبغ في التعبية:"كلامها مقر للصغير، فله لنصف، ويجبر على الإسلام، ولهذين جميعًا النصف بينهما. قال سحنون: " فإن مات قبل أن يبلغ حلفًا واقتسما ميراثه، وإن مات أحدهما قبل بلوغه وله ورثة يعرفون فهم أحق بميراثه وإلا ترك، فإذا كبر الصبي وادعاه كان له".
الفرع الخامس: إذا مات النصراني في رمضان، وادعى أحد ابنيه أنه أسلم في شوال فيرثه، وقال الآخر: له بل أسلمت في شعبان فلا ترثه، فبينة النصراني أولى لأنها ناقلة، والقول قول المسلم إذا لم تكن بينة، لأن الأصل بقاء الكفر.
ولو اتفقا على أن أباهما مات مسلمًا وأن أحدهما كان حينئذ مسلمًا، وادعى الآخر أنه كان أيضًا مسلمًا قبل موت أبيه وناكره أخوه في ذلك فعلى المدعي البينة، لإنكار أخيه ما ادعاه من تغيير الأصل، ويرث المتفق على إسلامه والله أعلم ..