فيه الدية دون القود ولو قتله بالسحر واعتراف بذلك لقتل.
الطرف الثاني: في بيان المزهق، وهو نوعان، تسبب ومباشرة.
فالتسبب كحفر البئر حيث لا يؤذن له فيه، قصد الإهلاك به، وكالإكراه وشهادة الزور في القصاص على إحدى الرواتين، وتقديم الطعام المسموم إلى الضيق، وحفر بئر في الدهليز وتغطية رأسه عند دخول الداخل، وكذلك لو حفره ليقع فيه لص فوقع فيه فهلك.
وأما المباشرة فما يقتضي الموت، إما بغير واسطة كحز الرقبة، وإما بواسطة كالجراحات المقتضية للموت، أو ما يقوم مقامها في اقتضائه كالخنق والرض والتحريق والتغريق وشبه ذلك.
الطرف الثالث: في اجتماع السبب مع المباشرة، وذلك على مراتب.
الأولى: أن يغلب السبب على المباشرة، وذلك ظاهر إذا لم تكن المباشرة عدوانًا، كمن حفر بئراً على طريق رجل أعمى، وليس فيها غيره ولا طريق أخرى له، فوقع فيها فمات، أو طرح رجلاً مع سبع في مكان ضيق، أو أمسكه على ثعبان مهلك، أو فعل ما قدمناه من تقديم الطعام المسموم، أو تغطية رأس البئر. واتفقت الرواية على تغليب السبب أيضًا في شهود القصاص إذا رجعوا بعد الاستيفاء، واختلف هل تأثيره في إيجاب القود أو العقل على روايتي أشهب وابن القاسم، هذا (إذا) كان الولي غير عالم بتزوير البينة، فأما لو علم بذلك وبأن الحاكم علم بذلك وحكم مع علمه بتزويرهم لكان الولي معهم كالشريك لاعتدال السبب والمباشرة ولحقت هذه الصورة بالمرتبة الثالثة. وقال مالك فيمن حفر بئرًا للص ليهلك فيها فهلك فيها، أو حفرها في طريق المسلمين، أو وضع (فيها) سفًا أو سكينًا أو شيء ايطلب به هلاكهم فهلك فيها أحدهم: فإنه يقتل به.
قال البغداديون: من أصحابنا: أو طرح قشور البطيخ في طريق المسلمين قصدًا لإهلاكهم فهلك بها بعضهم، فإنه يقتل به.
قال بعض الأصحاب: ولو كان إنما فعل حيث يجوز له فعله، أو لم يقصد بذلك أذية أحد، لم يجب عليه قصاص.