ولو صالحه عن موضحة على مال ثم نزى منها فمات فلولاته أن يقسموا ويقتلوا في العمد ويأخذوا الدية في الخطأ من العاقلة ويردون ما أخذ وليهم في الصلح.
المسألة الثانية: أن يدعي القاتل على رب الدم العفو، فله أن يستحلفه، فإن نكل ردت اليمين على القاتل يمينًا واحدة لا خمسين يمينًا لأنها المردودة عليه، فإن حلف برئ. فإن ادعى القاتل بينة غائبة على العفو تلوم له الإمام. وقال أشهب في كتاب محمد: لا يمين على ولي الدم، لأن اليمين لا يكون في استحقاق الدم إلا خمسين يمينًا، فهذا يريد أن يوجب عليه قسامة مع البينة أو مع قسامة أخرى قد كانت.
ولو قال القاتل: يحلف لي يمينًا واحدة، لم يكن له ذلك، أرأيت إن استحلفه فلما قدم ليقتل قال: قد عفا عني، أيستحلفه؟. ولو تأخر القصاص حتى مات أحد ورثة المقتول، فكان القاتل وارثه بطل القصاص، لأنه ملك من دمه حصة، فهو كالعفو ولأن كل من ورث قصاصًا على نفسه أو قسطًا منه سقط عنه القصاص، مثال ذلك في فروع:
الفرع الأول: أن يقتل أحد الأولاد أباه فيثبت القصاص عليه لجميع الإخوة، ثم يموت أحد الإخوة فيسقط القصاص عن القاتل لأنه ورث من دمه حصة (فهو) من العفو، ولبقية الإخوة (عليه) حظهم من الدية.
الفرع الثاني: إذا قتل أحد الإبنين أباه، وقتل الآخر أمه، فالقصاص عليهما، ولكل واحد منهما أن يقتل الآخر، لأن أحدهما ورث أباه والآخر ورث أمه، فإن بادر أحدهما فقتل الآخر استوفى حقه، وكان لورثة المقتول أن يقتلوا القاتل. فإن تنازعا بمن يبدأ منهما اجتهدالسلطان في ذلك حسب ما يرى. وإن عفا كل واحد عن صاحبه، جاز، ووجب لأحدهما دية أبيه وللآخر دية أمه. وقال خلف بن زرقون: سألت عنها محمد بن سحنون ومحمد بن عبدوس فقالا: نرى أن يعفى عنهما [جميعًا] لأنا إن ذهبنا نقتل أحدهما ورث الباقي الدم، فلا يكون عليه قتل، فكل واحد (يقول): يقتل هذا قبلي، فلا بد من أن يعفى عنهام.
الفرع الثالث: أربعة إخوة، قتل الثاني الكبير، ثم قتل الثالث الصغير، وجب القصاص على قاتل الصغير، لأن الثاني لما قتل الكبير ثبت القصاص عليه للثالث وللصغير، فلما قتل الثالث الصغير ورثه الثاني وحده، فورث ما كان له عليه من القصاص فسقط، وسقطت حصة الشريك إلى نصف الدية، وكان له قتل الثالث بالصغير، فغن عفا كان له عليه الدية يقاصه بنصفها.