وحكى القاضي أبو محمد في هذه المسألة روايتين، وخرج عليهما جواز العفو عنه بعد بلوغه إلى الإمام، ثم قال:"والصحيح أنه من حقوق الآدميين بدليل أنه يورث عن المقذوف، وحقوق اللهتعالى لا تورث، وأنه لا يستحق إلا بمطالبة الآدمي.
(يوتخرج على الروايتين أيضًا حكم العفو قبل بلوغ الإمام، فروى ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم جوازه. وروى أشهب أن ذلك ليس بلازم له، وله القيام متى شاء، إلا أن يريد سترًا.
وعلل القاضي أبو الوليد الأول "بأنه حق لمخلوق ولم يبلغ الإمام فلزم العفو وعلل الثاني بأنه حق لله تعالى يجوز القيام به، ولا يزلم العفو عنه بعد بلوغ الإمام، فلا يلزمه قبل بلوغه كحد الزنى").
(ولو أعطى القاذف للمقذوف دينارًا على أن يعفو عنه، ففي العتبية من رواية أشهب: لا يجوز ذلك، ويجلد الحد").
(وفي كتاب محمد: قال مالك: للمقذوف أن يكتب بالقذف كتابًا أنه متى شاء قام به. قال وإني لأكرهه. قال اقاضي أبو الوليد:"ومعنى ذلك، عندي، قبل أن يبلغ الإمام". قال:"وقد رأيت لمالك نحو هذا". وقال:"هذا يشبه العفو").
فرع: إذا ادعى على رجل أنه قذف ولا بينة للمدعي، لم يكن له أن يحلف المدعى عليه، لكن إن أقام شاهدًا واحدًا أحلف له، فإن نكل سجن أبدًا حتى يحلف. قال محمد: ولم يختلف أصحاب مالك أنه يحبس أبدًا حتى يحلف.