الشرط السادس: أن يكون محرزًا، ومعناه أن يكون في مكان هو حرز لمثله في العرف والعادة، وذلك يختلف باختلاف عادات الناس في إحراز أموالهم، وهو في الحقيقة كل مال لا يعد صابح المال في العادة مضيعًا لماله بوضعه له فيه.
وجملة القول فيه: أن كل شيئ له مكان معروف به، فمكانه حرزه، وكل شيئ معه حافظ، فحافظه حرزه، فمن ذلك أن (الدور) والمنازل والحوانيت حرز لما فيها، غاب أهلها [أو حضروا. وكذلك ظهور] الدواب حرز لما جملت، وأفنية الحوانيت حرز لما وضع فيها في الموقف للبيع، وإن لم يكن هناك حانوت، [كان معه] أهله أم لا، سرقت في ليل أو نهار. وكذلك موقف الشاة في السوق، مربوطة أو غير مربوطة، والدواب على مرابطها محرزة، كان أهلها معها (أم) لا، فإن كانت الدابة بباب المسجد أو في السوق لن تكن محرزة إلا أن يكون معها حافظ. ومن ربط دابة بفنائه، أو اتخذ موضعًا مربطًا لدوابه، فإنه حرز لها. والسفينة حرز لما فيها، وسواء كانت سائبة أو مربوطة، فإن سرقت السفينة نفسها، فهي كالدابة إن كانت سائبة فليست بمحرزة، وإن كان صاحبها ربطها في موضع وأرساها فيه فرباطها حرز. وهكذا إن كان معها أحد حيثما كانت فهي محرزة كالدابة باب المسجد معها حافظ، إلا أن ينزلوا بالسفينة في سفرهم منزلاً فيربطونها فهو حرز لها، كان صاحبها معها أم لا.
(وأما حصر المسجد، فروي عيسى عن ابن القاسم:"أن سارقها يقطع وإن لم يكن للمسجد باب، ورآها محرزة. وإن سرق الأبواب قطع أيضًا".
قال أصبغ: ويقطع سارق حصر المسجد وقناديله وبلاطه، (كما) لو سرقث بابه مستسرًا أو خشبة من سقفه أو من حوائزه.
وروي عن ابن القاسم:"إن كانت سرقته للحصر نهارًا لم يقطع، وإن كان تسور عليها ليلاً قطع".