للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحكم في تركته بين المسلمين وبين الناظر في الكنيسة، فيجرى على حكم الإسلام، فلا تجوز له وصية في أكثر من ثلثه).

وكل تبرع في مرض الموت فهو محسوب من الثلث وإن كان منجزًا. وكذلك إذا وهب في الصحة ثم أقبض في المرض. ومهما هجم عليه المرض المخوف حجرنا عليه في التبرعات في الزيادة على الثلث، فإن سلم تبينا الصحة. وإن لم يكن المرض مخوفًا لم يحجر. فإن قيل: وما المرض المخوف؟ قلنا: كل مرض لا يؤمن ترقية إلى الموت كثيرًا، كالحمى الحادة والسل والقولنج وذات الجنب والإسهال المتواتر مع قيام الدم، وشبه ذلك مما يقضي أهل صناعة الطب بأن الهلاك يسببه كثير.

وأما الجرب ووجع الضرس وحمى يوم ورمد العين والبرص والجنون وحمى الربع وشبه ذلك فليس بمخوف. ومهما أشكل شيئ من ذلك حكم [فيه] يقول أهل المعرفة بالطب كما يحكم بقولهم في العيب.

وأما المفلوج والمجذوم فما كان من ذلك قد ألزمهم الفراش وأقعدهم فأحكامهم أحكام المرضى. وما كان من جذام يابس وفالج غير مقعد، وكان أصحابه يدخلون ويخرجون ويتصرفو، فأحكامهم أحكام الأصحاء.

فرع: إذا ثبت أن المرض يعلق حق الورثة بالمال، ويقبض يد المريض عن التصرف فيه، وتحققنا أن سبب ذلك وعلته الخوف على المريض من المنية في الأكثر أو في الكثير، فإنه قد ينزل بالأصحاء أحوال تحقق فيهم هذه العلة، فيجب أن تكون أحكامهم كأحكام المرضى في تصرفهم على الثلث، وذلك كالحامل في أخريات أمرها كستة أشهر فأعل، وكالمحبوس للقتل في قصاص أو حد، وحاضر الزحف في ملتطم القتال والتعرف للحتف، ويلحق بهذه الأحوال عند ابن وهب وأشهب حال الملجج في البحر وقت الهول، فقالا حكمه في هذه [الحالة] حكم المريض ومن ذلك معه. وقال ابن القاسم: حكمه حكم الصحيح.

قال القاضي أبو محمد: "وقولهما أقيس، لأنها حالة خوف على النفس كإثقال الحمل. فإن قيل: فما الذي يتعلق به الحجر؟ قلنا: هو ما زاد على قدر حاجته من الغنفاق في الأكل والكسوة والتداوي والعلاج، كشراء ما يحتاج إليه من الأشربة والأدوية وأجرة الطبيب، ويمنع

<<  <  ج: ص:  >  >>