[فيتخيروا] بين الإجازة أو القطع، وهكذا حكم هذه المسألةلو كانت التركة كلها عروضًا.
وإذا أنجز الكلام على تفاصيل هذه المسألة، وهي المعروفة يخلع الثلث، فدليلها هو أنه قد ثبت أنه ليس للموصي أن يوصي بأكثر من الثلث، وليس له أن يعين الثلث في نوع بعينه منالتركة إلا بإذنهم، كما أنه ليس له أن يزيد على الثلث إلا بإذنهم، فإذا ثبت ذلك ثم خلف الميت ناضًا ألف دينار وعروضًا بمثلها وديونًا بمثلها وعقارًا بمثلها، فحقه من الثلث شائع في كل نوع منها، فليس له أن يفرد الوصية بالناض ويحيل الورثة على عروض وديون، فمتى فعل ذلك كان متعديًا آخذًا ما لبس له، فإذا لم يجز الورثة ذلك كان لهم الامتناع وإزالة الضرر بما لا يبخص الميت حقه، وليس إلا أحد هذين، إما ما قلناه أو يدفع إليه قيمة الألف من جميع التركة، وهذا القسم غير جائز لأن فيه بخس الميت حقه وإزالة تعد وضرر بمثله، وذلك لأنا قد علمنا أن للميت أن يوصي بجميع الثلث، فإذا عدل عن استيفاء الثلث إلى الوصية ببعضه وعينه في شيئ بعينه. فإنما ترك الاستيفاء ليسلم له التعيين، فإذا لم يسلم له وجب رد تعديه إلى ما كان له لا إلى بعضه، لأنه لم يرد أن يؤخذ من غير هذه العين من التركة بعض الثلث، وإنما أراد أن تؤخذ نفس العين، ففي إعطاء قيمتها من غير تبديل الوصية، وذلك غير جائز، فإن قيل: في إعطائه جميع الثلث أعطاؤه ما لم يوص له به، قيل: جل إلى ذلك منع الورثة من أخذ ما أوصى له به وذلك غير ممتنع، إذ لا شيئ يرجع إليه غيره.
ومن أوصى بعتق عبده، وله مال حاضر وغائب، ولا يخرج من ثلث الحاضر، فروى أشهب: أنه يوقف العبد لاجتماع المال، فيقوم إذا اجتمع ويعتق. وقاله ابن القاسم. وهذا فيما يقبض إلى أشهر يسيرة أو عرض يباع، فأما ما يبعد جدًا وتبعد غيبته فليجعل العتق في ثلث ما حضر، ثم إذا قبض ما بقي أتم فيه.
قال محمد: وقال أشهب: بل للعبد أن يعجل منه عتق ثلث الحاضر حتى لو لم يحضر غيره لعجل عتق ثلث ويوقف باقيه، فكل ما حضر شيئ من الغائب زيد فيه ثلث ذلك، حتى يتم أو ييئس من المال الغائب. قال: ولا أرى أن يوقف جميع العبد لاجتماع المال، وإن كان قد قاله لي مالك.
وقال سحنون: إنما يعجل منه ثلث ما حضر إذا كان في ذلك ضرر على الموصي والموصي له فيما يشتد وجه مطلبه ويعسر جمع المال ويطول ذلك.
الركن الرابع: ما به تكون الوصية:
وتكون بالإيجاب، ولا يتعين له لفظ مخصوص، بل كل لفظ فهم منه قصد الوصية