ولو أوصى أحدهما عند موته، ففي انتقال ما كان إليه إلى وصيه خلاف، منعه سحنون في الكتاب وأجازه أشهب، ورواه علي بن زياد. ولو أوصيا جميعًا بما إليهما لصحت الوصية ونفذت.
ومهما اختلف الوصيان في تعيين من تصرف إليه الوصية من الفقراء، أو في حفظ المال، تولى القاضي الأمر المتنازع فيه. ولا يقسم المال المتنازع في حفظه بينهما، بل إن رأى أن يضعه عند أعدلهما أو أملاهما، إن استوت عدالتهما، أو يجتمعا عليه جميعًا، فعل، وإلا نزعه منهما جميعًا وجعله تحت يده، أو يد من يثق به. قال ابن كناة: إذا جعله السلطان عند أحدهما ختمًا عليه جميعًا. وقال علي: أعجب إلي أن يقسموا إن تشاحوا، ولا ينزع [منهم]
وقال أشهب: أكره لهما قسمة المال، وليكن بيد أعدلهما. فإن اقتسماه واتكل فيه أحدهما على صاحبه، ولا بأس به عنده، لم يضمناه.
وقال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: إذا اقتسما المال ضمناه، ف إن هلك ما بيد أحدهما ضمنه صاحبه حين أسلمه إليه.
أما أحكام (الوصاية)، فهي أنها عقد جائز في حال حياة الموصي، ولازم بعد وفاته. فللموصي عزل الوصي، وللوصي عزل نفسه بعد القبول في حياة الموصي. وظاهر إطلاق القاضي أبي محمد وشيخه الشيخ أبي القاسم منعه من الرجوع بعد القبول مطلقًا، إلا أن يعجز أو يكون له عذر في تركها.
وقال القاضي أبو الحسن:"إذا قبل الوصي الوصية في حياة الموصي لم يكن له أن يرجع بعد موته، ولعل هذا مرادهما".
وقال ابن القاسم: ولو لم يقبلها حتى مات فإنم ذلك إليه. وقال أشبه: لا رجوع له وإن قبلها بعد موته. ومن أبى قبول الوصية في حياة الموصي وبعد وفاته، ثم أراد قبولها، فليس ذلك له إلا أن يجعله السلطان لحسن نظره.
ثم الوصي يقضي ديون الصبي، وينفق عليه بالمعروف، ويزكي ماله، ويدفعه قراضًا وبضاعة في البر والبحر.