وأما صفة المستخلف، فليكن بعد صحة إمامته ابتداء ممن انسحب عليه حكم الإمام قبل طروء العذر، ويكون ما فعله عند مفارقة الإمام مما يعتد به جزءا من صلاته، فلا يقدم من أحرم بعد طروء العذر، ولا من فاته الركوع معه من الركعة التي طرأ العذر فيها؛ لأنه يصير كالمتنفل يؤم المفترضين، فإن استخلفه أمر المستخلف باستخلاف غيره، أو استخلفوا هم غيره، فإن لم يفعلوا وائتموا به فصلاتهم باطلة. وقيل: صلاتهم صحيحة؛ لأن فعل المستخلف لذلك وإن كان لا يعتد به واجب عليه لوجوب متابعة الإمام لو لم يحدث، وصار باستخلافه كأن الإمام لم يذهب.
وأما من أحرم بعد طروء العذر، فإن استخلفه على ركعة أو ثلاث، فصلاته باطلة؛ لأنه جلس في غير موضع جلوس وهو مصل لنفسه، وإن استخلفه على ركعتين، فصلاته تامة. وقال ابن حبيب: إن قدمه في أول ركعة فصلاته تامة، وتبطل صلاتهم، وإن كان بعد ركعة أو أكثر فعمل على بناء صلاة الأول فلا صلاة له ولا لمن خلفه.
وأما فعل المستخلف، فإنه متمم لصلاة الإمام، فعليه أن يصليها من حيث انقطعت، فإن كان الإمام لم يقرأ افتتح القراءة، وإن قرأ أتم من حيث وصل إن كان صلاة جهر، فإن كانت صلاة سر، ففي السليمانية أنه يبتدئ قراءة أم القرآن من أولها. قال الإمام أبو عبد الله:" وكأنه رأى (أن) تجويز كون الإمام لم يقرأ لنسيان أو غيره يقتضي ابتداء المستخلف القراءة من أولها ".
فإذا ركع ولم يرفع تقدم راكعا، ثم رفع ويتمادى على صلاة الإمام.
فإن أتمها سلم بهم إن كان أدرك جملة صلاة الإمام، وسلم بسلامه من كملت صلاه من المتقدمين، وقام من كان مسبوقا للقضاء.
فإن كان لم يدرك جملة صلاة الإمام، بل كان مسبوقا أشار إليهم إذا أكمل صلاة الإمام، كالآمر لهم بالجلوس، ثم نهض للقضاء، فإذا فرغ منه سلم بهم؛ لأن السلام من بقية صلاة الأول، وقد حل محله في الإمامة فيه، فلا يصح الخروج عن ذلك لغير معنى يقتضيه، وانتظار القوم لفراغه من القضاء أخف من الخروج من إمامته. وقيل: يستخلف من يسلم بالقوم؛ لأن السلام بقية صلاة الأول كما تقدم، ولا ينبغي له أن يقضي قبل فراغ الصلاة، وخروج القوم عن الاقتداء به إلى الاقتداء بمن أقام مقامه أخف من انتظاره.
وسبب هذا الاختلاف: أن الضرورة دافعة للمصلي إلى الخروج عن الأصل على المذهبين جميعا، والنظر في أي الخروجين أخف.