ويجب الإنصات، ويحرم الاشتغال على الجماعة عن السماع عند الشروع في الخطبة، وعلى من لم يسمع لتخلفه عن السعي إلى الجامع عند الأذان التابع لجلوس الإمام على المنبر، وهو المعهود في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
(قال ابن حبيب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد رقي المنبر فجلس، ثم أذن المؤذنون، وكانوا ثلاثة، يؤذنون على المنار واحد بعد واحد، فإذا فرغ الثالث قام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب، وكذلك في عهد أبي بكر وعمر، ثم أمر عثمان، لما كثر الناس، أن يؤذن بالزوراء عد الزوال، وهو موضع السوق، ليرتفع الناس منه، فإذا خرج وجلس على المنبر أذن المؤذنون على المنار. ثم إن هشام بن عبد الملك نقل الآذان الذي كان بالزوراء إلى المسجد، فجعله مؤذنا واحدا، يؤذن عند الزوال على المنار، فإذا خرج هشام وجلس على المنبر أذن المؤذنون كلهم [ين يديه، فإذا فرغوا خطب).
ولا يسلم الداخل في حالة الخطبة، ولا يرد عليه إن سلم، ولا يشمت العاطس، ولا بأس أن يحمد الله (تعالى) خافضا صوته، ولا بأس بالتعوذ من النار عند ذكرها. " وقال أشهب: الإنصات أحب إلي من ذلك، فإن فعلوا فسرا في أنفسهم، ولا بأس إذا قرأ الإمام:{إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه} الآية، أن يصلي عليه في نفسه.
" قال ابن حبيب: إذا دعا الإمام في خطبته المرة بعد المرة أمن الناس وجهروا جهرا ليس بالعالي، قال: وذلك فيما ينوب الناس من قحط أو غيره ". قال القاضي أبو الوليد: " لا خلاف في جواز هذا، وإنما الخلاف في صفة النطق به من سر أو جهر، ومن لا يسمع كمن يسمع في الأمر بالإنصاف ".
ولا يحي المسجد في أثناء الخطبة، ورأى أبو القاسم السيوري، أنه يحيي المسجد والإمام يخطب، وروى مثله محمد بن الحسن عن مالك.