قال بعض المتأخرين:" اختلف في صفتهم، فقيل: هم صنف من الكفار، يعطون ليتألفوا على الإسلام، وكانوا لا يسلمون بالقهر والسيف، لكن يسلمون بالعطاء والإحسان.
وقيل: هم قوم أسلموا في الظاهر ولم تستيقن قلوبهم فيعطون ليتمكن الإسلام في صدورهم، وقيل: هم قوم من عظماء المشركين أسلموا، ولهم أتباع يعطون ليتألفوا أتباعهم على الإسلام. قال: " وهذه الأقوال متقاربة المعنى، والقصد بجميعها الإعطاء لمن لا يتمكن إسلامه حقيقة إلا بالعطاء، فكأنه ضرب من الجهاد ".
فالمشركون ثلاثة أصناف: صنف يرجع بإقامة البرهان، وصنف بالقهر، وصنف بالإحسان. والإمام الناظر للمسلمين يستعمل مع كل صنف ما يراه سببا لنجاته وتخليصه من الكفر).
الخامس: الرقاب، وهو فك الرقاب، بأن يبتاعها الإمام من مال الصدقات، فيعتقها عن المسلمين، ويكون الولاء لجميعهم.
قال محمد عن ابن القاسم: ولا يجزي إلا ما يجري في الرقاب الواجبة. وقال ابن حبيب: لا بأس أن يعتق أعمى أو أعرج أو مقعد.
وقال ابن وهب: وفي الرقاب، قال: المكاتبين. وقال مطرف: لا بأس أن يعطي من زكاته المكاتب ما يتم به عتقه، أو في قطاعه مدبر ما يعتق به، وهما لا يعتقان في الرقاب الواجبة.
فرع: لو اشترى من زكاته رقبة (أعتقها) ليكون الولاء له، فهل تجزيه عن زكاته؛ لأنه بمنزلة من أمر غيره بعتق رقبة، أو ذبح أضحية له، فأنفذ ذلك عن نفسه، أو لا يجزيه لأنه استمسك بها حين أبقى الولاء له؟ قولان أشهب وابن القاسم.
ولا يفك الأسير من زكاة ماله، فإن فعل لم تجزئه، قاله ابن القاسم. وقال ابن حبيب: بل تجزيه، لأنها رقبة قد ملكت بملك الرق، فهي تخرج من رق إلى عتق، فكان ذلك أحق وأولى من فكاك الرقاب التي بأيدينا.
السادس: الغرام وهو من أدان في غير سفه ولا فساد، ولا يجدون وفاء، أو تكون معهم أموال (هي) بإزاء ديونهم، فيعطون ما يقضون به ديونهم وإن كانت لهم أموال، لأن أموالهم ديون عليهم، فإن لم تكن لهم أموال وكانت عليهم ديون، فهم فقراء وغارمون،