المالك والمستحقون للزكاة، فإن نقلها أو دفعها إلى فقراء غير بلده، كره ذلك له وأجزأ عنه.
وقال سحنون:" لا يجزيه ".
ولو بلغ الإمام أن ببعض البلاد حاجة شديدة، جاز له نقل بعض الصدقة المستحقة بغيره إليه.
وهل المعتبر مكان المال وقت تمام الحول، فتفرق الصدقة عنده؛ إذ هو سبب الوجوب، أو مكان المالك، إذ هو المخاطب بها فيخرجها حيث هو؟ في ذلك قولان.
وأما صدقة الفطر، فإنما ينظر فيها إلى موضع المالك فقط.
فرع: حيث قلنا: تنقل الزكاة، فروى ابن القاسم:" أن الإمام يتكارى عليها من الفيء ". وقال ابن القاسم:" لا يتكارى عليها، ولكن يبيع ذلك، ثم يشتري مثله (بالموضع) ". وفي " العتبية عن مالك فيمن وجبت عليه صدقة ماله وهو بموضع ليس فيه مساكين: أنه يحمله إلى المساكين، ويكري من عنده حتى يبلغه ".
الرابعة: إذا كان الوالي يعدل في الأخذ والصرف، لم يسع المالك أن يتولى الصرف بنفسه في الناض ولا في غير ذلك، بل يرفع زكاة الناض إلى الإمام. وأما زكاة الحرث والماشية، فيبعث الإمام في ذلك. وقيل: زكاة الناض إلى أربابه. وقال ابن الماجشون: ذلك إذا كان المصرف الفقراء والمساكين خاصة، فإن احتيج إلى صرفها لغيرهما من الأصناف لأداء الاجتهاد إلى ذلك، فلا يفرق عليهم إلا الإمام.
ثم حيث قلنا: للمالك أن يفرقها، فالأفضل له أن يوليها غيره ليسلم من الحمد، إلا أن لا يكون عارفا بمصارفها، فيتعين عليه رد أمرها إلى غيره.
ولو كان الإمام جائرا لم يجز دفعها إليه، لا عن الظاهر ولا عن الباطن، فإن دفعها إليه اختيارا لم تجزئ عنه إذا كان يجوز في صرفها.
وإن أخذها جبرا، فإن عدل في صرفها أجزأت عنه، وإن لم يعدل فيه، ففي إجزائها عنه قولان، منشؤهما: الخلاف في نفوذ قسمة الغاصب.