للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أكره امرأة لم يجب عليها أن تكفر بحال، ووجبت عليه كفارتان عنه وعنهما في المشهور. وقيل: لا كفارة عليه عنها.

ثم اختلف الأصحاب، هل هذه الكفارة متنوعة أم تختص بالإطعام خاصة؟ وسبب اختلافهم احتمال لفظ الكتاب، وصيغته: " قلت: وكيف الكفارة في قول مالك؟ قال: الطعام لا يعرف غير الطعام، لا يأخذ مالك بالعتق ولا بالصيام " هذا نص لفظه.

فمن نوع حمله على الأولى، ويجزي غيره. ومن خصص حمل اللفظ على ظاهره، والصحيح التنويع، ورد ظاهر هذه الرواية إلى مذهبه في الموطإ، وإلى ما رواه ابن الماجشون عنه، وهو أن الإطعام أفضل.

وإذا فرعنا على التنويع، فأنواعها ثلاثة: عتق وصيام و‘طعام، وهي على التخيير ككفارة الأيمان. وقيل على الترتيب ككفارة الظاهر.

النوع الأول: العتق، فيعتق رقبة كاملة غير ملفقة، مؤمنة، سليمة، محرر، وتحريرها أن (يبتدئ) إعتاقها من غري أن يكون مستحقا بوجه.

النوع الثاني: الصيام، وهو صوم شهرين متتابعين.

النوع الثالث: الإطعام، هو إطعام ستين مسكينا، مدا، لكل مسكين، بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أشهب: مدل لكل مسكين أو غداء وعشاء، والإطعام أحب إلينا من الغداء والعشاء.

وإذا فرعنا على المشهور، فالإطعام يعمها. وقيل: تتنوع: فتكون إطعاما إن كانت بفير جماع، وعتقا أو صياما إن كانت عن جماع.

ثم إذا قلنا بالتسوية مع اختلاف الموجب، فالإطعام أفضل لأنه الأمر المعمول به في الحديث، ولأنه أعم نفعا؛ إذ الصيام لا يتعدى نفعه المكفر، والإعتاق وإن تعدى نفعه المكفر، فلا يتجاوز المعتق، ويتعدى نفع الطعام إلى ستين مسكينا، فيحيا به مثل هذا العدد، لا سيما في أوقات الشدائد والمجاعات. وقيل: العتق أفضل. وقال المتأخرون: يختلف ذلك بالأوقات والبلاد، فالأول في ارتفاع الأسعار، والثاني في انخفاضها.

وتستقر الكفارة في الذمة عند العجز عن جميع الخصال وقت الإفساد، ثم المعتبر حالة التكفير على القول بالترتيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>