الخلاف في هذه الصورة من الخلاف في مسألة انعقاد بمجرد النية. وأنكر الشيخ أبو الطاهر هذا الاستقراء، وقال:" لم يختلف المهب أن العابدات لا تلزم إلا بالقول أو النية والدخول فيها، وهو الشروع ".
وصفة تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لبيك اللهم لبيك نلبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ".
قال أشهب: ومن اقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروفة، اقتصر على حظ وافر، ولا بأس عليه إن زاد على ذلك فقد زاد عمر: " لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك، لبيك مرهوبا منك، ومرغوبا إليك ". وزاد ابن عمر: " لبيك لبيك لبيك وسعديك والخير بيدك لبيك، والرغبى إليك والعمل ".
ولو احرم مطلقا لا ينوي حجا ولا عمرة، فقال أشهب: هو بالخيار، إن شاء جعلها حجة، وإن شاء جعلها عمرة، وأحب إلي أن يجعلها حجة، وقع له في موضع آخر: أحب إلي أن يكون قارنا.
ولو اختلف العقد والنطق، فالاعتبار بالعقد. وروي: ما يشير إلى اعتبار النطق، فروى ابن القاسم فيمن أراد أن يهل بالحج مفردا فأخطأ، فقرن أو تكلم بالعمرة، فليس ذلك بشيء، وهو على حجه. قال في العتبية: " ثم روجع مالك فقال: عليه دم "، وقاله ابن القاسم. ولو أحرم مفصلا، ثم نسى ما أحرم به، فإنه يكون قارنا عند أشهب. وقال غيره: يحرم بالحج، ويعمل حينئذ القران.
ولو شك هل أفرد أو قرن هن تمادى على نية القران وحده.
وإن شك هل أحرم بالحج أو بالعمرة مفردا، طاف وسعى، لجواز أن يكون إحرامه بعمرة، ولا يحلق لإمكان أن يكون في حج، ويتمادى على عمل الحج، ويهدي لتأخير الحلاق لا للقران؛ لأنه لم يحدث نية للحج، بل تمادى على نيته الأولى، وهي لشيء واحد.
أما العمرة فلا يضره تماديه بعد فراغه من سعيها. وأما الحج فيكون مفردا، ويكون ما تقدم من الطواف والسعي له لا للعمرة.