والغنيمة: كل ما أخذته الفئة المجاهدة على سبيل الغلبة، دون ما يختلس ويسرق، فإنه خاص بملك المختلس والسارق، وفيه الخمس إذا كان آخذه مسلما. وفي اشتراط كونه حرا خلاف، اشترطه سحنون وابن المواز، ولم يشترطه ابن القاسم. ودون ما ينجلي عنه أهله بغير قتال، فإنه فيء. وللغنيمة أحكام:
الأول: أنه يجوز التبسط في أطعمتها قبل القسمة ما داموا (في دار) الحرب، لأجل الحاجة. ويجري ذلك في القوت والحم والتبن والشعير.
ويجوز ذبح الأنعام لأكل، وقيل: لا يجوز.
ثم إذا ذبحها فله الانتفاع بجلودها إن احتاج عليها، فإن لم تكن له بها حاجة، أو استغنى عنها، ردها للمغانم. ويباح الأكل لمن معه طعام، ومن ليس معه، ولكن قدر الحاجة.
ولو فضل منه شيئا بعد الدخول إلى دار الإسلام، وتفرق الجيش لتصدق به إن كان كثيرا، فإن كان يسيرا فله الانتفاع به.
الحكم الثاني للغنيمة: أنه لا يستقر ملك الغانمين عليها بنفس الغنيمة، وإنما ملكوا بذلك أن يملكوا، وقيل: بل ملكوا بالقهر والاستيلاء وتقضي الحرب.
وقد خرج بعض علمائنا على القولين ما نذكره الآن من الفروع، وهي:
لو وقع في المغنم من يعتق على بعض الغانمين، فإنه يعتق عليه، ويغرم نصيب أصحابه.
وكذلك لو أعتق عبدا من المغنم، لكمل عليه، قاله سحنون فيهما. وقال ابن القاسم وأشهب: إذا أعتق أمة من المغنم، فلا عتق له. ولو وطئ جارية من المغنم حد، ولم تكن له أم ولد.
وقال عبد الملك: لا حد عليه.
وكذلك يقطع إن سرق منه، وقال عبد الملك: لا قطع عليه. وقال سحنون: إن سرق ما يزيد على حصته ثلاثة دراهم قطع، وإلا فلا.
وأما الوطء فلا حد فيه، والاستيلاد ثابت. ثم إن كان سهمه من الغنيمة يستغرق الأمة، أخذ منه قيمتها يوم الحمل. وإن لم يف سهمه كمل من ماله، فإن كان عديما فمصابته منها بحساب أم (ولد) يباع (باقيها) فيما لزمه من (القيمة)، ويتبع من قيمة اللود بقدر ذلك.