واختلف فيمن خرج لشهود الوقعة، فمنعه العذر منه، كمن ضل، ففي ثبوت الإسهام له ونفيه ثلاثة أقوال: يفرق في الثالث، وهو المشهور، فيثبته إن كان الضلال بعد الإدراب، وينفيه إن كان قبله. وكمن بعثه الأمير من الجيش في أمر من مصلحة الجيش، فشغله ذلك عن شهود الوقعة، فإنه يسهم له. وروي: أنه لا يسهم له.
فأما اشتراط كونه من جنس من يلزمه القتال، بأن يكون مسلماً حراً ذكراً مطبقاً للقتال بالبلوغ أو المراهقة، فقد تقدم الخلاف في فقد ذلك، هل يخل بالاستحقاق أم لا؟
وأما فقد العقل، فإن كان مطبقاً، فلا يسهم له إذا خرج كذلك من دار الإسلام، فإن كان ذلك طارئاً عليه في دار الحرب، ففي الإسهام له خلاف.
وإن كان يفيق، فإن كان بحيث يتأتى منه القتال أسهم له، وإلا فلا.
الثانية: إذا وجه الإمام سرية، فغنمت شيئاً، شارك في استحقاقها جيش الإمام، إذا كانت خرجت منه، وإن خرجت من بلد، فلا يستحق أهل البلد معهم شيئاً.
الثالثة: من حضر لا يقصد الجهاد، كالأجير لسياسة الدواب والتاجر وشبههما، من لم يقاتل منهم لم يستحق، وإن قاتل استحق. وقال أشهب: لا يستحق أحد منهم، وإن قاتل.
وإذا فرعنا على المشهور، فإنه يسقط للأجير من الإجارة بقدر ما اشتغل عن عمله، إذا كان مستغرق المنافع.
الرابعة: يسوى بين الجميع في القسمة إلا الفارس، فإنه يعطى ثلاثة أسهم:(سهم له، وسهامن لفرسه)، وللرجال سهم.
ويعطى لراكب الفرس دون سائر ما يركب، لما فيها من الكر والفر، إلا ما كان من البراذين والهجن، بمثابتها في ذلك، فإنه يسهم لها، وما لم يكن كذلك لم يسهم لهم.
ويسهم للضعيف لأنه يرتجى برؤه، وقال أشهب وابن نافع: لا يسهم له لأنه لا يمكن القتال عليه الآن فأشبه الكسير ولا يسهم للأعجف إذا كان في حيز ما لا ينتفع به، كما لا يسهم للكسير.
فأما المريض مرضاً خفيفاً مثل الرهيص وما يجري مجراه، مما لا يمنعه المرض عن