فروع ثلاثة: الأول: لو انتقل أو سافر، فلابد من إقامته بالمكان الذي انتقل إليه مدة لها تأثير، لكن اختلف في تحديدها، والتعويل فيها على ما يظهر من القصد.
وقد قال ابن القاسم: لو رجع بعد خمسة عشر يوماً لم يحنث، والشهر أحب إلي إلا أن ينوي الدوام.
ورأى ابن المواز أن القياس إجزاء أدنى زمن، وهو على مراعاة الألفاظ، والأول على مراعاة المقاصد.
الفرع الثاني: إذا حلف على الانتقال من مسكن، فتأخر مدة يضطر إليها في انتقاله، لم يحنث. فإذا تراخى زيادة على ذلك، فقال ابن المواز: أخاف عليه الحنث، وفي الواضحة: لا حنث عليه.
الفرع الثالث: أن يحلف على ترك سكنى موضع، فتجب المبادرة بالانتقال، فإن تأخر حنث. وقال أشهب: لا يحنث بما دون اليوم والليلة.
وكذلك لو انتقل بنفسه، وأبقى رحله بالموضع لحنث، إلا أن يبقى ما لا مقدار له كالمسمار وشبهه على أن لا يأخذه بعد ذلك. ورأى اشهب أنه لا يحنث، وإن أبقى رحله.
النوع الثاني: النظر إلى المقاصد أو إلى مقتضى الألفاظ، كمن حلف: لا كلم إنساناً، فكتب إليه أو أرسل رسولاً، ففي تحنيثه بذلك خلاف: التحنيث بهما، وهو مذهب الكتاب، ونفيه فيهما، قاله أشهب في كتاب محمد.
وروى ابن القاسم وأشهب التفرقة بين الكتاب والرسول، فحنثه بالكتاب دون الرسول، هذا كله مع عدم النية.
فإن ادعى أنه أراد أن لا يشافهه ففي قبول ذلك منه وعدم قبوله ثلاث روايات، يفصل في الثالثة: فيقبل منه في الرسول دون الكتاب.
وإن كتب إليه، فأخذ الكتاب قبل أن يصل إلى المحلوف عليه، فقال ابن القاسم في الكتاب:((قال مالك: لا أرى عليه حنثاً، وهو آخر قوله)).
فرع: إذا قلنا: إنه يحنث بالكتاب، فوصل، فلم يقرأه المكتوب إليه، فحكى الشيخ أبو الطاهر في وقوع الحنث قولين، قال: ((وذلك كما لو حلف لا كلم إنساناً، فكلمه بحيث يسمعه، فلم يسمع المحلوف عليه. فأما لو كتب المحلوف عليه إلى الحالف: فإن لم يقرأ