قال الشيخ أبو الطاهر:((لكن الحين ها هنا مفترق بالمساء والصباح، والحين الذي وقع الكلام فيه مطلق)).
ومما سلك به مسلك الحين: الدهر والزمان والعصر، إذا كان منكراً، فإنه ينصرف إلى السنة. لو (عرفه) بالألف واللام، فقيل:(هو) كالأول، (ينصرف) إلى السنة. وقال الداودي: الأكثر في الزمان والدهر مدة الدنيا. قال أبو الحسن اللخمي:((يريد الأكثر من القول)). وروي في كتاب ابن حبيب في الدهر أنه أكثر من سنة. قيل لمطرف: فسنتان؟ قال: قريب، وما أوقت فيها وقتاً.
النوع الرابع: يلتفت على النظر إلى العرف، أو أصل التسمية في اللغة، كالحالف أن لا يأكل لحماً، فإنه يحنث بأكل لحم الحوث. وأشهب: لا يحنثه إلا بأكل لحوم الأنعام الأربع خاصة، دون الوحش وغيره.
وكذلك لو حلف: أن لا يأكل بيضاً، فابن القاسم يحنثه حتى ببيض الحيتان، وأشهب: لا يحنثه إلا ببيض الدجاج، وما العادة تناوله كثيراً، واستحسن تحنيثه بأكل بيض سائر الطير، والقياس عنده الاقتصار على ما العادة أكل بيضه، كالدجاج وما في معناها.
وكذلك الحالف لا أكل رؤوساً، فأكل رؤوس الطير والحيتان، يحنث عند ابن القاسم، ولا يحنثه أشهب إلا بأكل رؤوس الأنعام الأربعة.
وكذلك لو حلف: لا آكل خبزاً، هل يحنث بأكل ما يصنع من الحنطة كالإطرية والهريسة والكعك، أم لا؟ قال الشيخ أبو الطاهر:((والكعك أقرب إلى الحنث، لأنه ملحق بالخبز قطعاً)). قال:((ولو بدا ما يدل على التخصيص، لم يختلف فيه، وكذلك لو بدا ما يدل على التعميم، بأن يقصد التضييق على نفسه لحنث)).
ولو حلف: لا آكل عسلاً، فأكل عسل الرطب، فالمنصوص لابن القاسم تحنيثه، إلا أن تكون له نية. (وأجرى الشيخ أبو محمد على مذهب أشهب نفي الحنث).