للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو حلف بطلاق زوجته إذا وضعت ما في بطنها، فوضعت ولداً وبقي ثان، لجرى على القولين.

وكذا لو علق الطلاق على الوطء، لحنث بمغيب الحشفة على المشهور، وعلى القول الآخر: لا يحنث بدون الإنزال.

وكذا لو حلف: لا هدم حائطاً أو بئراً، فهل يحنث بفعل البعض أم لا؟ القولان، ولو حلف: لا آكل خبزاً وزيتاً، فأكل أحدهما، جرى على الخلاف عند فقد النية.

النوع الثاني: أن يحلف على فعل شيء فينتقل.

فإن انتقل إلى ما ليس هو معداً للانتقال إليه، كمن حلف ليأكلن طعاماً، ففسد فأكله، فقيل: لا يحنث لأنه قد أكله، وقيل: يحنث، لأنه لم يأكله طعاماً.

ولو انتقل إلى ما هو معد للانتقال إليه، وقد ذكر في يمينه لفظه من كقوله: لا أكلت من هذا القمح أو اللبن، فإن قرب تغيره ولم يبعد، فالمذهب كله على أنه يحنث، وإن أكله منتقلاً، وإن بعد تغيره، كمن حلف أن لا يأكل من هذا الطلع، فأكل من بسره أو رطبه أو ثمره، فالمشهور أنه يحنث أيضاً. وقال محمد: استحسن أشهب أن لا حنث عليه، لبعد ما بينهما في الطعم والمنفعة والاسم.

فلو كان المتناول ما يتولد من الشيء تولداً لا يكون جزءاً منه؛ كقوله: لا أكلت من هذه الشاة، فشرب من لبنها، لم يحنث، إلا أن يريد ترك الانتفاع منها من كل وجه.

وفي حنثه بأكل ولدها خلاف حكاه ابن ميسر، سببه النظر إلى أنه ليس بجزء حقيقة فأشبه اللبن، أو النظر إلى أنه مشبه لها، فأشبه الجزء.

ولو لم يذكر لفظة: ((من)) فإن نكر، فالمذهب أنه لا يحنث فيما يتولد من ذلك الشيء، إلا أن يقرب جداً، كالسمن من الزبد، ففيه قول بالحنث. وإن عرف، فأشار إلى معين وبعدت الاستحالة، فلا حنث، وإن قربت جداً، وكان الغالب أن ذلك الشيء لا يؤكل إلا بعد أن يصنع فيه ما صنع، حنث. قال ابن المواز: ولم يره ابن القاسم إلا في خمسة.

من حلف: لا آكل هذا القمح فأكل خبزه، أو هذا اللحم، فأكل مرقته. وكذلك أجرى حكم من قال: لا أكلت هذا العنب، فأكل عصيره، أو الزبيب أو التمر، فأكل نبيذهما، لأن أجزاء هذه المعتصرة هي بعينها التي أكل، ولم تبعد الاستحالة، أو هذا اللحم، فأكل شحمه؛ لأن الاسم ينتظمه.

ووقع لابن المواز: من حلف لا آكل هذا القمح، فأكله (خبزاً)، أنه لا يحنث. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>