للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: من حلف بالطلاق ليصومن يوماً سماه، فأفطر فيه ناسياً، أنه لا شيء عليه)). ثم ضعف هذا الاستقراء بأنه يحتمل أن يريد: لا قضاء عليه. قال: ((وهو أحد القولين فيمن أفطر في النذر المعين ناسياً)).

والأخرى: من حلف أن لا يبايع إنساناً، فباع ممن هو من سببه، أو ممن اشتراه للمحلوف عليه، ولم يعلم، أنه لا حنث عليه. قالوا: وهذا قد باع ممن حلف عليه ناسياً، ثم قال: ((وهذا الاستقراء أضعف من الأول، لأن مقتضى اللفظ نفي الحنث ولا قصد؛ إذ لا علم، فلا يحنث ولا بمقصود اللفظ ولا بمقتضى القصد. ثم رد المسألة إلى الخلاف في عمارة الذمة بالأكثر أو بالأقل، وما عزاه إلى المتأخرين من نفي الحنث للنسيان))، وهو اختيار القاضي أبي بكر.

ولو فعل المحلوف عليه جهلاً حنث، كما لو حلف أن لا يسلم على زيد، فسلم عليه في ظلمة وهو لا يعرفه. وأما لو أكره، كما لو حلف أن لا يدخل، فحمل قهراً وأدخل، لم يحنث، لكن إن قدر على الخروج فلم يخرج حنث. وكذلك إن حمل بإذنه حنث، وإن سكن مع القدرة على الامتناع حنث أيضاً.

ولو حلف لا أكلم زيداً، ثم سلم على قوم فيهم زيد، فاستثناه بقلبه أو بلفظه، لم يحنث؛ وإن لم يستثنه ولا حاشاه حنث، وإن لم يعلم به، ولو قال: لا أدخل على زيد، فدخل على قوم هو فيهم، حنث.

المسألة الثانية: أن كل حالف فإما أن يحلف على ترك الفعل، أو على الإقدام عليه، فالأول على بر حتى يقع منه الفعل فيحنث، والثاني على حنث حتى يقع منه الفعل فيبر.

وهذا يعتزل زوجته حتى يقع منه الفعل، إلا أن يكون قد ضرب للفعل أجلاً، هل يلزمه الاعتزال.

المسألة الثالثة: من حلف على شيء ليفعلنه، فحيل بينه وبين فعله، فإن أجل أجلاً فامتنع الفعل لعدم المحل وذهابه، كموت العبد المحلوف على ضربه، أو الحمام المحلوف على ذبحها، فلا حنث عليه، بلا خلاف منصوص. وإن امتنع الفعل بسبب منع الشرع، كمن حلف ليطأن زوجته أو أمته فوجدها حائضاً، فقيل: لا شيء عليه، وقيل: إن وطئ أثم وبر، لأنه وطئ؛ وقيل: لا يبر لأنه إنما قصد وطئاً مباحاً. وإن كان الامتناع بمنع مانع كالسارق والغاصب والمستحق، فإنه يحنث، لأن المحل باق، وإنما حيل بينه وبين الفعل فيه. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>